[عذوب]

الإعجاز الصوتي في اللغة العربية يتمثل بأوضح صورة في القرآن الكريم :

** حيث يتناسب إيحاء الصوت والدلالة المقصودة للكلمة كما فى قوله تعالى : (عيناً فيها تسمى سلسبيلا ) . يوحى لفظ السلسبيل بالسلاسة والسهولة ويسر الاستساغة وهي من الخصائص الصوتية لحرف السين .

** وقوله تعالى : ( حصحص الحق).
حيث توحي لفظة حصحص بالشدة الصلابة وهي من الخصائص الصوتية لحرف الصاد .
أو يوحي بالصراخ إذا فُخمت الصاد كما في لفظة ( الصاخّة )

هذا عندما تكون المفردات في سياق الآية . لكن التناغم الفريد بين المفردة وإيحائها الصوتي يظهر ايضاً في الفاصلة في القرآن الكريم وهي : آخر كلمة في الآية، كالقافية في الشعر، وقرينة السجع في النثر

وقد تكون هذه التسمية اقتباساً من قوله تعالى: "كِتَابٌ فُصِّلَتْ أَيَاتُهُ". ولا يجوز تسميتها قوافي إجماعاً، لأن الله لما سلب عن القرآن اسم الشعر وجب سلب القافية عنه أيضاً

** مثلاً قوله تعالى( مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ,الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ )

حيث يوحي حرف السين في ( الخناس ) بالهمس أو الخفاء و الإنخفاض!!!


وبالحديث عن الشعر .. لا يخفى علينا أهمية هذا الموضوع من حيث إدراك الشاعر للصدى الذي ستتركه حروفه في نفس المتلقي ، واختياره لحروف المفردات والقوافي المتوافقة مع المعنى الذي يريد ايصاله .
على سبيل المثال :

( بشار بن برد ) في المدح يعمد إلى الألفاظ المضخمة المفخمة ..
مثل قوله ...

أسد يقضم الرجال وإن شئت ... فغيث أجش ثر السماء ..

...................

وقال ( البحتري )

صُنْتُ نَفسي عَمَّا يُدَنِسُ نَفْسي *** وتَرَفَّعْتُ عن جَدا كل جِبْسِ

وتماسَكتُ حينَ زَعزَعني الدَّهـ*** ـرُ التماساً منه لتَعْسِي ونَكْسي


وهنا استخدم الشاعر الحروف الهامسة كحرف السين مثل تكرار حرف السين في ( نفسي ، يدنس ، نفسي ، جبس ) مما يشعر السامع أن الكلمات تريد أن تتجاذب فيما بينها

.................

وقال ( القاضي عياض)

يا سيدي يا رسول الله خذ بيدي ... فالعبد ضيف وضيف الله لم يضمِ

تكرار حرف الياء في البيت و القافية إجمالاً ( الكسرة ) يدل على التراخي والاستسلام ..

..................

وقال (محسن الهزاني)

برقن تلالا قلت عز الجلالا ***** واثره جبين صويحبي واحسبه برق

المدّ في قافية الصدر ... دلالة على الندبة أو الاستغاثة او النداء..

واستخدامه للقاف في قافية الروي .. الدالة على القرع ولفت الإنتباه ..




وختاماً أرجو تحقيق الفائدة وعذراً للتقصير إن وُجد ...فما هي إلا محاولات اجتهادية للبحث والتقصي في مسائل شعرية غير مطروقة .

لكم الود ..