مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 26-06-2005, 08:19   #1
عبدالواحد اليحيائي
كــاتـب
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ عبدالواحد اليحيائي
 

استاذ وعشق.. وفلسفة

.
.
عرفته وهو يستكثر على قلبه أن يُحب من جديد.

تلك مرحلة تجاوزها.. وقلق أخذ نصيبه منه.. وأرق جميل ما عرفه منذ زمن طويل، علاقته بالحب – كما يقول - ذكرى، وقصيدة، ومقالة، ومشهد يتذكره من فلم قديم، وشكوى لصديق، ومكالمة هاتفية طويلة، وتأمل هادئ لوجه زوجته، ومتعته بأطفاله، وصلاة لله في محرابه. علاقته به ابتسامة تلوح على محيّاه الجميل حينا بعد حين دون أن ندرك كنهها أو سببها، ذاك المحيّا الذي ما نظرتُ إليه إلا تساءلت: كيف يجتمع الحزن العميق والفرح العابث في سيما إنسان واحد، في أشد لحظات فرحه لا تكاد تخطئ حزن قلبه في لمحة، وفي اشد لحظات حزنه تلمح في وجهه بهجة البشائر، حديثه المفعم بالغناء للإنسان، نظراته التي تجعلك مسكونا فيه، إشارات أصابعه وهو يتحدث موافقا أو معارضا، سهومه حين يسمعك فكأنه ليس معك بعقله وقلبه، وهو معك بهما معا، نبرات صوته الأجش، ضحكته الحيية وغضبته الباسمة، كان يقول أن همومه الإنسانية أكبر، همه في مجتمعه الصغير، وواجباته تجاه مجتمعه الكبير، وإحساسه الدائم بالواجب كل ذلك أجدى من العبث، وأن يحب في خريف أيامه فذاك عبث، وعبث لا يطاق. وبدا أن لا شيء من هذا كله سيتغير، وأن الوقت سيطول قبل أن أسأله: فيك شيء ؟!!

أصبح ساهما وما عاد معنا لا بعقله ولا قلبه، يبتسم لكن ليس لنا، ويضحك أو يغضب لكن أيضا ليس لنا بل ولا معنا، في البداية لم يكن الأمر واضحا، لكن الصمت تحول إلى عادة، وتقلص الحديث عن الهم في المجتمع الصغير، والواجب تجاه المجتمع الكبير، حل بدلا عن ذلك وأشباهه من الحوارات صمت طويل، صمت فسره لنا بالتعب من الكلام ويحب الآن أن يسمع أكثر مما يتكلم. وواقعا لم يكن يبالي بأن يسمع، وما عاد راغبا في الكلام لا معارضا ولا موافقا، وفي لحظة صفاء قال: تعّرف خالد، شكلي أحب.

وأعترف أني بهتُ كما بهت الذي كفر..
أستاذي يحب..

ابتسمت، وهل يعيش مثلك بلا حب، أنت متورط أزلي بالحب، نفسك، وأهلك، والأصدقاء، والوطن، والدين، والله، وكل شيء، حتى البهائم والجمادات لها نصيب من حبك، أعرف أنك تحب، وأعلم أنك مسكون بالجمال. لا، لا يا خالد، لا أقصد هذا المعنى، أقصد أني أحب امرأة، امرأة مختلفة، هي الأجمل، الأذكى، الأكثر حضورا، الأكثر تأثيرا...، واسترسل الرجل الخمسيني في مجموعة طويلة من هذه الـ(أكثر)ات.

يحب امرأة يراها مختلفة..
ثم يبثني فرحة قلبه..
وأعترف أني شعرت بفرحة أخرى..
لكن بماذا أجيب قيسي المعاصر ؟

- يا سيدي أخشى أن تكون مراهقة الخمسين..
- مش انا.
- لعلها طفلة تلهو بك..
- لا هي مختلفة، لو كانت تلهو لعرفت ذلك.
- طيب، وهذا الحب إلى أين؟
- ما أدري.
- ما فهمت !!
- يعني كلامنا كان كله عن الحب للحب.
- والقيم والمبادئ؟
- ما أدري.
- وعقلك.
- هذه المرة مضى إلى حيث لا أعلم ولا أريد أن أعلم.

فجأة رن الهاتف..
وتغير وجه الاستاذ وهو يقول: أهلا..
كان في كامل جماله..
وبتعبيره الشهير: أنا في لياقتي يا شباب.
.
.
استأذنته وانصرفت..
لم اشغل نفسي كثيرا بالصواب والخطأ..
وفي الطريق شعرت أني أحبه أكثر..
أكثر.
.
.

عبدالواحد اليحيائي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس