مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 06-09-2005, 15:58   #19
عبدالواحد اليحيائي
كــاتـب
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ عبدالواحد اليحيائي
 

رد : نازك الملائكة…الشاعرة والناقدة المبدعة

.
.




نازك الملائكة
من أنا


الليلُ يسألُ مَن أنا
أنا سرُّهُ القلقُ العميقُ الأسودُ
أنا صمتُهُ المتمرِّدُ
قنّعتُ كنهي بالسكونْ
ولففتُ قلبي بالظنونْ
وبقيتُ ساهمةً هنا
أرنو وتسألني القرونْ
أنا من أكون ؟

الريحُ تسألُ مَنْ أنا
أنا روحُهَا الحيرانُ أنكرني الزمانْ
أنا مثلها في لا مكان
نبقى نسيرُ ولا انتهاءْ
نبقى نمرُّ ولا بقاءْ
فإذا بلغنا المُنْحَنَى
خلناهُ خاتمةَ الشقاءْ
فإذا فضاءْ !

والدهرُ يسألُ مَنْ أنا
أنا مثله جبارةٌ أطوي عُصورْ
وأعودُ أمنحُها النشورْ
أنا أخلقُ الماضيْ البعيدْ
من فتنةِ الأملِ الرغيدْ
وأعودُ أدفنُهُ أنا
لأصوغَ لي أمساً جديدْ
غَدُهُ جليد

والذاتُ تسألُ مَنْ أنا
أنا مثلها حيرَى أحدّقُ في الظلام
لا شيءَ يمنحُني السلامْ
أبقى أسائلُ والجوابْ
سيظَلّ يحجُبُه سرابْ
وأظلّ أحسبُهُ دَنَا
فإذا وصلتُ إليه ذابْ
وخبا وغابْ
.
.
قصيدة حب للرسول الكريم في صيغة معاصرة

البحر اغماء لحن حبٍٍٍِ، البحر زرقة
البحر طفل مسترسل الشعر ،
للضحى فوق مقلتيه انكسارةٌ
رفة ،
وشهقة
البحر تلهو عرائس الماء في تراميه الف جوقة
يلبسن غيماً ، ينشرن اجنحة من ضبابُ

عرائس البحر ضيعتني
زورق شوق هيمان في فضة العُبابُ
وصيرتني
فراشة الرغو والسحاب
وملء روحي وجه حبيبي

تسبيحة عذبة ونجمة
وبرد نسمة
وجه حبيبي اكبر من لانهاية البحر، من مداه
يسد اقطاره الزرق ،
يطوي طيورهُ، موجهُ، رؤاهُ
وجه حبيبي: زنابق ، اكؤس ، مياهُ
وجه حبيبي واللا نهايات في عالم واحدُ
ليس يشطر ولا يجزأ

يابحر قل: أين ينتهي ذلك الوجه؟
قل اين انت تبدأ؟
وجهُ بحارٌ اضيع فيها، وينطفيء ضوء كل مرفأ
ومقلتاهُ ،
اين ترى تنتهي ؟ وفي أي نقطة تبدأ البراءة؟
وما حدود الألوانِ فيها؟
كيف يمتص منها البحر ليلهُ؟
كيف يستعير الضحى ضيائه
وجه حبيبي، يا بركة الصحو والوضاءةِ
وجه حبيبي كسرهُ الموج واقتناهُ
أشعة، زورقاً، شراعاً
يحضن أفقاً ملوناً، يرتدي سماءه.

وكان قلبي، وكان قلبي
يسبح عبر استغراقةٍ خصبة المرايا
في موج غيبوبة وتيه ، في حلم حب
مضيعٍ في مروج هدبِ
يحوب لج البحار بحثاً ،
عن لؤلؤ ناصعٍ فيه ما في قلب حبيبي
من ألق السر، من عطورٍ، ومن خفايا
من نغم دافيء الهبوبِ
يتمتم النبع فيه وتنساب رياح الجنوب
كنت على البحر أترع البحر من منايا
وجاءني طائر جميل وحط قربي
وامتص قلبي
صب على لهفتي السكينة
ورش هدبي
براءة، رقة، ليونة
وقلتُ ياطائري، يا زبرجد
من اين اقبلت، أي نجم اعطاك لينه؟
يا نكهة البرتقال ، يا عطر ياسمينة
وما أسمك الحلو؟
قال : أحمد

وأمتلأ الجو من أريج الاسراء
طعم القرآنِ
وامتد فوق اغمائة البحر ضوءُ ،
من أسم أحمد
وقلت في لهفة أتوسلُ: أحمد ، أحمد
أحمد كانت عيناه بحراً
تسقي باب الوجود كانت تنشر عطراً
تنبت في الصخر مرج شذر وأقحوانِ
تسيل نهراً
من زعفرانِ
أحمد قد كان يانعاً تنتمي الدوالي الى جبينه
وفي عيونه
نكهة أرضي، وطعم نهري، وعطر طينهُ
أحمد قد لاذ بي، ونمى أهداب لحني
في ولهٍ راعش الحنانِ
أحمد من ضوئه سقاني
أحمد كان البخور والشمع في ومضاني
أحمد كان أنبلاج فجرٍ ، وكان صوفية الأغاني
وأحمد في مروج تسبيحةٍ رماني
كلا جناحيه بعثراني
كلا جناحيه لملماني
من أبد الضوء جاء أحمد
من غابة العطر والعصافير هل أحمد
عبر عطورِ القرآن ، عبر الترتيل والصومِ ، شع أحمد
من عمق اعماق ذكراتي
من سنواتي المختبآت
في شجر السرو ، من عطور الخشخاش واللوز
وجهُ أحمد

يا طائر الفجر
يا جناح الزنابق البيض ،
ياحياتي
يابعدي الرابع الموسد
في اغنياتي
ياطلعة المشمش المورد
في زمني ، عبر نهر عمري، في كلماتي
أحمد ، أحمد !

يا لونُ، يا عمق ، يا وجنة السر ، يا أنفلاتي
من جسدي
من سلاسلي
من ثلوج ذاتي
من كل أقفال أمنياتي
ياطائر الصمتِ ، والغموض الجميل ، يا شمعدان معبد
أنت المدى والصعودُ،
أنت الجمال والخصب ،
أنت أحمد

يا رمضاني ، يا سكرة الوجد في صلاتي
يا وردتي ، يا حصاد عمري ، يا كل ماضٍ ، يا كلُ آتٍ
وياجناحي نحو سمائي ونحو ربي
وياقطرة الله في شفاه الوجود ، ويا ظلتي ، وعشبي
أنقر تسابيح صوفية من علا شفتيا

بعثر قرائين بيضاً وخضراً في صحن قلبي
يا سُبُحاتي
يا صوم أغنيتي ،
و يا سنبلاً طرياً
اني انا حرقة المتصوف في عسق الفجر
أحمد ، أحمد

هل انت الا طائر ربي
يا ثلج صيفي ، يا لين سُحبي
يا ضوء وجهٍ يطلع لي من كل جهاتي
شرقي وغربي
ومن شمالي ، ومن جنوبي ، من كل تعريشة ودرب
يطلع أحمد ، يطلع أحمد ، وجهاً نبياً
ملفعاً بالغناء والأنجم الشمالية المحيا

أحمد ياصافياً مثل أمطار آذار
يا ثلج أول الموسم الرحيمِ
مثل رفيف الأهداب في أعين النجومِ
أحمد يا شاطيء الابدية
عبر سماءٍ روحية الصمت ، ليلكية
تشرب صوفية الغيوم
يا لاعباً بالضباب ، يا عطش المجدلية
أحمدُ ، أحمدُ

أنا ، وأنت ، الطبيعة ، البحر .. جو معبد
شمعة نذرٍ في خاطر المرتقي تتوقد
والله في حلمنا المورد
شباك عسجد
شباك عجسد

أحمد يا توق مقلتين
مضيئتين
خاشعتين
بالسر والعمق مملوءتين
ياوتراً من قيثارة الله ، يا وردُ ، يا بحة المؤذن
يا أثراً للسجود ندى جبين مؤمن

أنا وأحمد
أنا وأحمد
سكون ليلٍ ورجعُ تسبيحة تتنهد
يحبناالبحرُ والهديرُ
تعشقنا موجةٌ وتغازل اغنيتنا
عرائس الماء والصخورُ
نحن قرابين في المُصلى ، نحن نذورٌ
أنا وأحمد
نشوة قديسة تتعبد
سطور حب ممحوة خلفها سطورُ
نهر مديدٌ، ولا عبورُ
أنا وأحمد
يحبنا الليلُ يسهرُ
يشتاق أعيننا
وبأسمائُنا يتهجد
يلثم أقدامنا البحرُ يحملنا في اتجاهِ
بعد اتجاهِ
أواه لو أنت احببتنا انت يا ألهي!

ومقلتا أحمدٍ صلاةٌ
مغفرةٌ
موعدٌ
بسملة
جناحه يجرف الخوف ، والحزن من حياتي
يُزيحُ أستاري المُسدلة
يفتح في عمري كل بوابةٍ مقفلة
يمنحني للوجود شعراً ، أذان فجرٍ ، غيبوبةً ، ركعةً، سُنبلة
أحمد زنبقة الله تقطر في تنهداتي
أحمد فوق شواطيء وعيي: فكرٌ ، محبة
والبحر من دون مقلتيه موتٌ وغُربة

من دونه العمر جرف ليالٍ
مثل الخطايا ، سوداء ، رطبة
أحمد توبة
أحمد توبة

وطارت الطير في الصباح
طارت جميعاً تلعبُ في الغيم والرياح
وتنقر الضوء فوق بحرْ بلا انتهاء
ولم يطر أحمد ، ظل قربي
وظللتنا سحبٌ مبقعةٌ بالضياء
كنا نغني
للحب ، للبحر ، للسماء
كنا شراعين شاردين
مضيعين
في غاب لحن
تكسرت في غنائنا الشمس والمرافي واللانهاية
تكسرت كل ضحكاتنا ، كل أشواقنا في مدى حكاية
والمد جاء
يلثم اقدامنا، يتكسرُ

أحمد ، أحمد
نحن، انا، انت والاعالي،
ليلٌ وصمتٌ
والله في روحنا غناء
.
.
سوسنة اسمها القدس

اذا نحن مُتنا وحاسبنا اللهُ:
قال: ألم أعطكم موطنا؟
أما كنت رقرقتُ فيه المياه مرايا؟
وحليته بالكواكب؟ زينتُهُ بالصبايا؟
وعرشت فيه العناقيد ، بعثرت فيه الثمر؟
ولونت حتى الحجر؟
اما كنتُ انهضت فيه الذُرى والجبال؟
فرشت الظلال؟
وغلفتُ وديانهُ بالشجر؟
أما كنتُ فجرتُ فيه الينابيع، كللتُهُ سوسنا؟
سكبتُ التآلق والاخضرار على المنحنى؟
جعلتُ الثرى عابقاً ليناً؟
أما كنت ضوأت بالأنجم المُنحدر؟
وفي ظلماتٍ لياليكمو ، أما قد زرعتُ القمر؟
فماذا صنعتم به؟ بالروابي؟ بذاك الجنى ؟
بما فيه من سكرٍ وسنا ؟


سيسألنا اللهُ يوماً ، فماذا نقولُ؟
نعم ! قد مُنحنا الذُرى السواقي ومجد التلول
وهُدب النجوم ، وشعر الحقول
ولكننا لم نصُنها
ولم ندفع الريح والموت عنها
فباتت كزنبقةٍ في هدير السيول
نعم ! ودفعنا بأقمارها للأفول
وقامر جُهالنا بالضحى
بالربى
بالسهول
بسوسنةٍ اسمها القدسُ ، نامت على ساقية
الى جانب الرابية
وتُمطر فيها السماءُ خُشُوعاً ، تُصلي الفصول
ويركعُ سُنبلها، تتهجدُ فيها الحقول
وعبر مساجدها العنبرية أسرى الرسول
فماذا صنعنا بوردتنا الناصعة؟


الهي تعلم أنت ، ونعلمُ، ماذا صنعنا
بوردتنا ، قد نزعنا، نزهنا
وُريقاتها ودلقنا شذاها الخجول
وهبنا صباها لأذرع عول
لأشداع عقربةٍ جائعة
فكيف اليها الوصول؟
ونخشى غداّ ان يجيء الضبابُ
وليلُ الضباب يطول
ويفصل ما بين أقدامنا والوصول
وقد تتمطى عصور الضباب بنا ، وتزول
كواكبُنا ثم تأتي السيول
وتجرف شتلاتنا، وتطول
ظلالُ الكآبةْ تغرقُ في غمرات الذُهُول
وتأتي الرياح وتمسحُ جنتنا الضائعة
وتخبو امانينا ، وأمتداداتها الشاسعة
ويطوي الذبول
سنابلنا رب عفوك ، ماذا نقول
وفي عتباتك كيف تُرى سيكون المثول؟
فأنت منحت الجناح الطليق ، ونحن اخترعنا القيود
وهبت لنا القُدس ، ونحنُ
دفعنا بها لليهود..
.
.
الزائر الذي لم يجيء

..ومر المساء ، وكاد يغيب جبينُ القمر
وكدنا نشيع ساعاتِ امسيةٍ ثانية

ونشهد كيف تسير السعادةُ للهاوية

ولم تأتِ انت.. وضعت مع الامنياتِ الاخر

وأبقيت كرسيك الخاويا

يُشاغل مجلسنا الذاويا

ويبقى يضج ويسأل عن زائرٍ لم يجيء



وما كنت أعلم انك ان غبت خلف السنين

تخلف ظلك في كل لفظٍ وفي كل معنى

وفي كل زاوية من رؤاي وفي كل منحنى

وما كنت اعلمُ انك أقوى من الحاضرين

وان مئاتٍ من الزائرين

يضيعون في لحظةٍ من حنين

يمُدُ ويجزُرُ شوقاً الى زائرٍ لم يجيء



ولو كنت جئت ... وكنا جلسنا مع الآخرين

ودار الحديث دوائر وانشعب الاصدقاء

أما كنت تصبح كالحاضرين وكان المساء

يمر ونحن نقلب اعيننا حائرين

ونسأل حتى فراغ الكراسي

عن الغائبين وراء الاماسي

ونصرخ ان لنا بينهم زائراً لم يجيء



ولو جئت يوماً – وما زلت أوثر الا تجيء

لجف عبيرُ الفراغ الملون في ذكرياتي

وقُص جناح التخيل واكتابت اغنياتي

وامسكت في راحتي حطام خيالي البريء

وادركت اني احبك حلما

وما دمت قد جئت لحماً وعظماً

ساحلم بالزائر المستحيل الذي لم يجيء
.
.

عبدالواحد اليحيائي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس