نثارْ (...أستدني الحرفَ، لا بُدّ لي!)
في جَوْفِ أيّة صَخْرَةٍ تقبَعُ الآنَ أيّهَا الحُلْم؟ هَل أنزَعُ الصّخُورَ منْ وَجهِ الأرْضِ كَيْمَا تَتَثَائَبَ مَرّةً وتَسْتَقِيْم؟
رأيْتُكَ مَرّةً حينَ تخَليْتُ عنْ رأسي، امْتَزَجَتْ أمَامي وفي طَقْسِيَ الألوَانُ والأشْيَاء. حينَ اسْتَفَاقَ الصّوْتُ، صَارَ يَطيرُ، يَرْسُمُ دَوَائرَ مُلوّنَةً، حينَ التَمّ الأصْفَرُ بالأخْضَرِ، بالبذْرَاتِ، بِقَشّ العُشّ القَابِعِ في الرأسِ، لا يَزَال! رأيْتُكَ أخْرَى، إذْ غَمَرَني شَلالٌ أزْرَقٌ وأنْسَلّتْ عَيْنَاي مابَينَ وَميْضٍ (وصَوْتٍ هَادِرٍ) وانهِمَارٍ مُتَوَهّجٍ مِثْلَ كسْرَاتِ نجوْمٍ. اتّسَعَت الأرْضُ كيْمَا يَتَوَزّعَ الارْتِدَادُ في مَسَارَاتهَا المبَللة.
نَبْتَةٌ لا وَجْهَ لهَا، مَطَرٌ مُحْتَشِدٌ، ترَابٌ، خُضْرَةٌ، لوْنٌ، بَيَاضٌ، غَابَةُ ألوانٍ مُحْتَقِنَةٌ ومُتَشَابكَةٌ قبَالَةَ الضّوْء. جَسَدٌ، بِصَلابَةِ سَاقِ نخْلَةٍ بلا نهَايَةٍ، فَلَقَ صَخْرَةً وامْتَزَجَ في نِثَارِهَا، يَتَطَاوَلُ في الفَضَاءِ، يَسْتَأذنُ تَمَاوُجَ الضبَابِ، يَسْبَحُ صَوْبَ المافَوق، يَرْكضُ جِهَةَ أمَامٍ لا تُحَدّ، كأنما يُعَانق شمْسَهُ، أو كأنما يَلثمُ السّمَاءَ، أو، كأنما يَحْتَسِي الغَيْم.
..................
في قَوْسِ داَئِرَةٍ يَنَامُ الحُلْمُ،
في شَغَفِ الزّوَايَا يَغْرِسُ اسْتِغْرَاقَهُ في الرأسْ.
(.. هَا نَبْتَةٌ مَجْنُوْنَةٌ تَجْثو أمَامَكَ
إنْ تُجَادِلْهَا تَفِرّ إلى أمَامٍ آخَرٍ...)
،،
ذَا ضُحَىً مِثْلَ بُسْتَانِ ضَوْءٍ
غَفَى لَحْظَةً، في شُرُوْدِ المَرَافِئِ،
فاسْتَدْنَت الريْحُ مَوْجَاتهَا،
وسَفِيْنَةٌ كَانَتْ تُوَاتَي الفَنَارَ، المَدَارَ
اسْتَوَتْ غَيْمَةً في مَدَى جَدْبِهِ
ثُمّ، ذَا بَارِقٍ،
هَتَفَتْ ليَزْفرَ
فَاعْتَرَتْ أنْفَاسَهُ،
ألقَتْ عَلَيْهِ شِبَاكَهَا
فَانْثَالَ في الأيْدِي.
_______________
ع.. 2005، ذَا تعب!
|