كنتِ أقل من أن أحبكِ ، لكن قلبي كان مصرا على الاحتفاظ بوسامته، فقاومت كل عطش العالم ، من أجل أن انقل اليك قــطرة المــــــــاء : قطرة الماء الوحيدة التي تحوّل صحراء روحكِ الى ترنيمة يـنبوع ، يهزّ بها المبتلـّون بالقحط المهدَ ، لتتلاشى من بدنكِ عدوى الرمل التي نقلوها معهم ، في طريقهم ، اليكِ .
لم تنفع معكِ الاغاني التي كتبتها بلغة القمر، لأن ظلامهم كان مشعا في اعمق اعماقكِ ، ولم تكنس الترانيم غبار الجحود من على حبال صوتكِ ، لأنهم زرعوا أجنحة غربانهم هناك .
كل الرياح كانت رهن اشارتهم ،لم توقفيها ، واكتفيتِ بأن تراقبي المعركة ، فأنا الشجرة التي لابد من نهبها . غير أن قلبي لبث محتفظا بفروسيته، وأنا انقل اليكِ قطرة الماء : قطرة الماء الوحيدة في هذا العالم ، التي تجعل منك مشروع واحة ، حتى اذا ما وصلتُ أخيرا ، ووضعتها بين يديكِ ، لم تريني ليس لأنك خسرتِ نظرتك الباطنية فقط ، وإنما لأنني كنتُ قد تبخرتُ خلال الرحلة..