الموضوع: كمائن لا تُرى
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 21-08-2006, 20:38   #3
كوثر
شموس لا تحدها سماء
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ كوثر
 

فخ الأغنيات..في البال أغنية نامي لأكتبها*

هكذا وجدتني أستحضر صوت مارسيل يترنم بما تبقى من مناغاة لأنثاه..وهكذا وجدتني أيضاً احاول أن أنام عساك تكتب لي نص أغنية لا تحمل حسرة ولا تنطوي على ألم ..يبدو أن الأحلام تتكون من تلقاء ذاتها وتكون حين نؤسس لها مقعداً في الروح..
أزعم كثيراً أنني ترابية ..أو بدائية الحس ..أشعر بالبراكين قبل غيري من بني البشر..أتشارك والحيوانات الصغيرة ذعرها الفطري من أقل هزةٍٍ عابرة..فأنتفض وأركض مختبئة عن ما قد يسبب هلاكاً محتمل..فارةٌ من قدرٍ الى آخر بطبيعة تكويني الداخلي..
لو أنها تنام..هذه التي تتذكر وتلهو وتناغي لربما كتبت أنا أغنية لعيني طفل لمحته اليوم في الأخبار ملتصقاً بثدي أمه الجاف..عيناه خطيئة التضخم والطمع..له لون عقيق مُغبر بلا كشفٍ ولا صقل..وله شفتانِ من لهفة..كانت حشرة كبيرة تحوم حول بؤبؤ العين وتقع على البياض في الواسع من نظرته المندهشة..أكان حتماً على هذه الأم أن تنجبه في المجاعة العُظمى في زمنٍ بلا إنسان..تقول المذيعة الوردية جداً بان حال بلادهم هناك في الجنوب من أفريقيا السوداء قد تراجع كثيرا منذ التسعينات الى الآن..ثم أن سوء التغذية يقتات عليهم ويُكمل الإهمال الدولي إجهازه على أرواحهم النقية..ماذا سيكتب التاريخ في صفحة أقدارهم الضئيلة
ربما لن يتعدوا سنيناً معدودة من عمرٍ عديم الأمل هناك..ماذا سيكتب عن هؤلاء العابرين..؟!
أغنية أخرى حزينة يكتبها شاعرٌ بعد فراغه من سرير الحب مناشداً أنثاه أن تنام كي يتسنى له كتابة اغنية تجول بباله المُرهق من مشهدٍ عابر أرق مساءه السحري في الهواء المكيف ومنعه من النوم حتى يخرج على الدنيا بأغنية تُخلد إسمه وتضيف لرصيده بعض الألوف بينما يموت هناك من يموت وماذا يهم..؟!
كيف ابتدأت الحكاية معي..منذ الكتابة الأولى ..هاجسٌ قدري أنبأني بأن القلم المترفع زائدٌ عن الحاجة..واننا بشرٌ بِ (شر) لإن لم نحاول أن نكون ب (خير) لا بأس إن أنا أقصيت باء البدء من شرٍ يكون فهو كامن لا يُرى فينا ..كلما غمسنا أحزاننا الصغرى بعطر الوقت المرفه وذهبنا للتعالي والتنظيرات الخطيرة بتنا للزيف أقرب والضجر..ها هو الفخ يشرع شدقيه لإبتلاعي..لا أملك الا أن أحاول لعلي أنجو من مكيدة إسكات الضمير الحي بملعقة كتابة يومية ومن ثم العودة الى فراشي الوثير متمنيةً بعض أحلامٍ سعيدة لغدي..!!


* الكتابة لمحمود درويش واللحن والغناء لمارسيل خليفة

التوقيع:
هو نهر الفردوس.. أو هو اسمي.. أو هو أنا.. كوثر.
أرفلُ في نعمةِ الغفران،
مُحلقةٌ في غيمةِ ود.
كوثر غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس