الموضوع: كمائن لا تُرى
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 21-08-2006, 20:46   #5
كوثر
شموس لا تحدها سماء
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ كوثر
 

فخ الذاكرة

كل ما مررتُ بالذكرى القديمة لرائحة المنزل القديم، طينيٌ ومنفرد ، نغمة خارجة عن نسق المكان، غائمٌ ما أردتُ قوله، ما أردت التعبير عنه، أصل الى حافة الضجر وأعود مبللة بخجل الجبين المتفسخِ من ألم المتابعة في محاولة للحاق بلهاث أسطورةٍ ما، أقلتُ أنها أسطورة؟!
التاريخ ذاته ينحاز للقصةِ القديمة ، مُعتبراً اياها شاهداً على زمنٍ احتفظت به ها هنا، عبأت الصورة بورق الخزامى البري وما همني أن لرائحته غربة قاتلة لا تتناسب وحاضر الفلاحة لأرض النخيل.
توهمتُ كثيراً ان لي سطوة ما على الطبيعة، فررتُ من خوفي الى أرجوحة يمنحني اياها القمر متجاهلة تماماً وضعه العلمي وكل ما علمتني اياه مدرسة العلوم الجميلة، لرنة صوتها ولكنتها العجيبة في ترديد أسماء الكواكب ما يدعو للتحليق هناك مع الزهرة او على غلاف زحل، فاتنٌ هذا الفضاء وبعيد..بعيد كأمنية طفل يتيم بحضن أبيه .
يقول صلاح جاهين أن الحزن يفقد هيبته، أو أنه فقد هيبته وراح الى هوان. لا زلت في المضارع من الأشياء، تفقد هيبتها تباعاً بلا كثيرٍ من ندم..
تعبر المجنونة الطريق ذاته كل يوم في موسم حصاد الرطب، ذاك الممر المهجور والممنوع, تسطو الظهيرة على ما تبقى لديها من عقل وتتركها الى التفسخ، خيط الدم الممدود شاهد العبور الأحمر لشظايا حجرية صغيرة تتسرب الى نعلها بلا رحمة وتدوسها برجلها العرجاء مستمرة في تأدية الدور المُراد لها منذ البداية..تلتقط ما يتساقط من سلال الفلاحين من رطب ٍ وتخبئه في جيوبها السرية الكثيرة، وتعود.
كل مرة عبرت زينب من هنا تركت خط الدم ، واحتارت في احتضان المئات من حبات الرطب النيء المُختلط بتراب المزارع المختلفة، تاركة أثر رجلها العرجاء وخيط الدم، وكل مرة رأيتُ الأثر بكيت بضجر ٍ من تكرار الحكاية التي تتزامن والصداع، وكل مرة عرفتُ كم هو العالم حيز تافه من الفضاء، وكل مرة نسيت، وكل مرة ضحكت، عافني الفهم ولم أكتسب حكمة التعود ولا صلافة البهجة عند تلقي الصفعة، صفعة الأثر، أو أثر الرائحة لإقصاءٍ وشيك ومؤقت ، كما أنه صارم كما موعد الحصاد وكما أثر رجل زينب العرجاء على الممر الترابي المهجور وكما عشقي للقمر الغبي البارد، وما همني، ربما أنسى غداً، أو الأكيد أنني ان لم أعد لهنا نسيتُ منذ الساعة. هراءٌ كل هذا الذي يلتف بالحرف كنوعٍ من خلاص لا يتم.

التوقيع:
هو نهر الفردوس.. أو هو اسمي.. أو هو أنا.. كوثر.
أرفلُ في نعمةِ الغفران،
مُحلقةٌ في غيمةِ ود.
كوثر غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس