الموضوع: كمائن لا تُرى
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 21-08-2006, 20:56   #8
كوثر
شموس لا تحدها سماء
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ كوثر
 

فخ قلب النبات

أراه يجلس الى ذاك البرعم الأبيض بقلب نبتةٍ ميتة، يقرأ عليه آيات عشقٍ ، يلوذ بضفيرتها الداكنة من وحشة الوقت ، يناغي سحر جرس الصوت ، يحاول استقراء ملامحها في ذاكرة الغيب، يستعيد رقصة نعاسها الأخير، يأتي على هوى شفةٍ رطبها اسمه في النداء، خالدٌ هو الوقت الذي أثث قصته، كل آنٍ تحوله الرغائب الى ذراتٍ تحملها الريح على هيئةِ فتى للتو يحبو نحو حتفِ جرفٍ لا يقتل فيه أرواح الفراش الساعية الى نورها الوامض في دمه جمرةٍ تدفيء وميضاً لا يراه القريب ، يحتار في أمره العابرون، يتساءل الرفقة عن معنى التلمظ بحرف ٍ مستوحد في تردد إسم، ورد يتلوه في ليالٍ تلحف قمرها بغيمةٍ ممطرة وراح الى صدره وحده، هي المليئة بأسرارٍ عصية، كلما قرأ قصتها أنبأه حلمٍ غادر بأنه لم يصل بعد..
يحرث في تربة عشقها بأصابعه الحية مجردةٍ من حمايتها، ملتذاً بلسعِ حشرات الأرض، عساه يفر من عزلته في برجِ المحبة الطاغية في كتابٍ قديم الى استحضار طيوفها برائحة الكرز البري، برياح الأخشاب المبتلة بالمطير من سحائب غاباتٍ غرائبية تخرج عليه تباعاًُ من الروايات المعتقة في روح أصوله النبيلة، يجففها سعير الشوق-تلك الأخشاب- تُلقي بها في روحه لتحترق على مهلٍ مُعَذِبْ تاركةٍ في الفضاء ما بينه وبين سقف رغائبه ما يُشبه عطرها السحري، بعض بخور من عودٍ انصهر في كينونته الخاصة متحولاً على جمر الهوى الى زبدِ العقيق الحُر وملتمعاً في خيال عينيها اللتين ما تغيرتا منذ الخطوة الأولى وحتى اللقاء الأخير الذي ما عاد يذكر ان كان حقاً عانق فيه حرارة دمها العنبر أم أن فص الخيال قفز الى حضنه في تلاعبٍ قدري من آيات العشق لما كان فيه من حُمى مللٍ وشيك..
أرى الفتى الذي في داخله ينساق للرؤيا وينحاز لفتنة المراودة الأثيرة ، يخلب لبه غدر الطيوف ، تكسر الوان الرمادي من تدرجات السحاب الواعد لمطرٍ لا يعود، كانت في أوقات السهو تبادله شطر شعرٍ بآخر، تجرؤ ان تقاطع الشاعر فيه بضحكةٍ تَنَاغمُ ولوعةِ الجسد المحترق فيه ، ظمأ روحه للفظ اسمه من رطبِ شفتيها المليئتين أخذ بيده الى باب التيه قاصداً.
ثم انني رأيتها وبوحيٍ سماوي تترفق به ، تمنحه نظرةٍ عجلى قبل ان تخلد للسبات ثانية ، كي يتمكن الفتى الذي لا يخاف الخناجر اللامعة من صد حد النظرة السوداء اللامعة ممنياً النفس بزمنٍ تفيق فيه من ضجرها الغادر وتهيء تربتها للبذار من جديد.

التوقيع:
هو نهر الفردوس.. أو هو اسمي.. أو هو أنا.. كوثر.
أرفلُ في نعمةِ الغفران،
مُحلقةٌ في غيمةِ ود.
كوثر غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس