.
.
مُدن الآخرين مزدحمة ،
ونحن لن نملك بيتاً ..
كُفّ يد السؤال ،
اقضم رغيف وحدتك ..
في البيت المقابل شجارٌ ، يتراءى لك حفلةً صاخبة ..
في السيّارة القريبة رجلٌ ينفث دخان تنهيدته ، وتظنّه يقبّل حبيبته ..
في الكرسي بناصية الشارع طفلٌ يستند إلى ظلّه ، وتراه يغفو على صدر أمّه !
كلِّ الناس وحيدة ،
كلِّ الناس بائسةٌ ويائسةٌ ومحبطة !
وحدنا نملك خريطة العودة إلى مدن البياض ..
نرسم بيتاً ..
نتّخذُ أصدقاءَ ..
ونعيش الحياة كما نريد !
* * *
صباحكَ مدينةٌ جمعتنا ..
شمسٌ حدّقت بكلينا ..
صباحكَ الهواء الزاجل نُحمّله أنفاسنا ..
الأماكن ذاتها تحملها ذكرياتنا ..
الإشارات المرورية نتزاحمُ أمامها ..
المشاعر المارّة تتزاحم فينا !
صباحكَ سماء مدينتكَ الكريمة جدّاً ،
وصباحي طيورها الّتي نامت مع صوتك ..
واستيقظت الآن !
وسادتك الّتي لم تزل دافئةً بعد أنفاسك ..
وداعتك الّتي صحت باكراً ،
وجنونك الّذي لم يصحُ بعد !
صباحي غمزة الهزيمة في تذاكر السفر ..
وغمّازة الحنين في مطارات الرجوع !
رحلة الإياب ..
وصوتك المسافر بي حين يعلو : يا مجنونة ..
وينخفض عند : أحبّك !
صباحي حبّك ..
حين من زوّادة العمر تنفد الصباحات !
ريـ.. ما:
مررت شارعاً يعرفك ،
ويتعرّف علي لأوّل مرّة !
لوّحت لأماكنَ تألفك ..
ودّعت مدينتك ،
وحملتكَ معي !