الموضوع: التجربة
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 10-12-2008, 17:29   #1
شهريار
كـاتب
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ شهريار
 

التجربة

في البدء ..كانت هناك ، تنتظر ذلك المجهول القادم .. تشتاق إليه بقدر خوفها منه ، تستحلفهُ بأن يستبيحَ كـل ذرة ِ اشتياق بها ، وتسترحمهُ بأن يُصحي ما غَـرسَهُ الزمان بها من غفوة، تمد له يدا ً ملؤها رغبة ، تصافحُ فيه غـريـزة َ الرجل ، وتعانق فيه عنفوان الشهوة ، تطيرُ حتى تلتصق بقمَمِه ، تتصاعد في هبوط..وتهبط في تصاعد ،تسابق أنفاسها للوصول إليه وتستجمع كل ما أوتيت من لذة كي تسمو إلى عــــــالم الهذيان ، عالم يصعب الوصول إليه بمفردها ، عالمٌ طالما انتظرت أن تعيشه و لو للحظات ، إنه عــــــــــلى وصـول .. لم يبق لها في حساب الزمن إلا دقائق وتعانق التجربة .. باكورة أنوثتها .. وما أروع البواكير .

في الجانب الآخر .. رجل حـُفرت ملامحه على ميناء ساعة يده .. يسترحم الزمن بأن يكسر إيقاعه الأبدي الممل ولو لمرة واحدة ، كل مابه متوتر .. كل ما به في حالة يقظة .. كل ما به يشحـذ ما تبقى من أساطـــــــــير الأولين ، يقذف نفسه في أحضان اللاوعي حتى يعي أن التجربة طريقه الوحيد لإسكات ما بداخله من خرافة الخوف وأسطورة التردد .. يستنشق ما لا تصل إليه أنفاسه من لهيب التمرد ويُحــــرق كل ما بداخـــــــله من تبلدٍ وراثي ، يقاوم كل ناقوس خطرٍ يقرع داخل عقله ، يغتال كل طريق يؤدي إلى الوراء ، وأخيراً.. يعـــــلن الزمن عن نهاية العــــــد التنازلي وبداية رحلة السفر.. رحلة تبدأ منها .. وتنتهي إليها .

يلقي بتحية المساء على شفتيها .. معلناً بداية المهرجان ، ترد التحية بنظرة تلعن الساعة َ التي لم تأتي به قبل اليوم .. وتجلس وشفتاها لم تزل في حالة تخدر.. في حالة هذيان .. أحست في لحظةٍ أنها لا تملك من أمرها إلا أن تزج بنفسها إلى قاعه .. وتستدرك جميع ما فاتها من عواصف النشوة .. وتقامر بأنوثتها حتى آخر إحساسٍ بالرعشه.

المسافة التي بينهما أبت إلا أن ُتلغي نفسَها بنفسها ، كانا قمة ً في الضعف إلى حد القوة ، كانـــــــا نبــــــــــتة ً واحدة ً استعبدها المحول .. وقيدها الشح .. واستباحها الخريف .. فكان الارتواء غيمة ً تلغي جميع ما كان قبلها من قحط .. جميع ما كان قبلها من عطش .. جميع ما كان قبلها من عقل ، ويتفرعن المارد ويكسر القمقم .. مؤكــدا ً أن اللذة قانونٌ لا يكسر .. قانونٌ يلغي القيود .. قانونٌ يلغي العقاب .. قانونٌ يستمد شرعيته من اللا شعور ، وكان الارتواء دستورا ً يؤكد حقوق الرجولة التي ضاعت حقوقها في زحمة الشرق .. ويؤكد حقوق الأنثى الموؤدة .

ويسدل الستار .. على مشهدٍ مـثـله الواقع .. وأخرجته الغريزة ، حالة ٌ من انعدام التوازن.. حالة ٌ من انتصارات ٍ على ما هو كائن .. مهداة ٌ إلى ما يجب أن يكــون ، حالة ٌ تفرض اللون الوردي على كل ما يلامس النظر ، حالة ُ تستدرج المستحيل برغبته ، حالة ٌ من اللاوعي تستـغـيث بكل جموح ٍ آبى إلا أن ُيسخر المطر .


شهريار

التوقيع:
يا حظ من لا عِـرف مهو ولا شِـيف
إن طاب يحمد و ان تردى بكيفه


اخر تعديل كان بواسطة » شهريار في يوم » 10-12-2008 عند الساعة » 18:57.
شهريار غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس