من بعدك ,
أدركتُ أن للوحدة رائحة غير تلك الروائح التي كانت من قبلك .
رائحة لها قدرة عجيبة على التسلل إلى خلايا الجسم والبقاء مقربة عند القلب الفارغ ,
رائحة يعرفها الباحث عن الأثاث القديم ,
عن الصديق الذي كان يرتب معه المواعيد في آخر الحي العتيق ,
ما يتعبني صدقا
أنّي أصبحت أميّز هذه الرائحة وأشمّها في كل الأماكن حتى في ثياب الفرح
وأجساد الجالسين في المقاهي وهم يدسون رؤوسهم في جرائدهم ,
وقصائد الشعراء حالما يتحايلون علينا ويكتبون عن الوطن ,
ما يقتلني أكثــر أنّي أدركتُ أن للوحدة لون أصفر قاحل كالنظرة عندما نرمي بها
في رمل المدى !