الموضوع: خارطة الطريق!
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 22-05-2010, 21:26   #6
فوزي المطرفي
فـعـل مــاضي!
 

رد : خارطة الطريق!

.

النكوعي؟

كلما كان هناك تمدنٍ اجتماعي راقٍ وانفتاح حضاري واسع, كان على الجانب الموازي تمامًا تقدم اللغة وتطور مفرداتها التي تتناسب مع كل جيل جديد, بحسب ثقافته وتطلعاته. من هنا تكون بعض المصطلحات القديمة وحشية مهجورة, لابتعاد الألسنة عن ترديدها أو التحدث بها, والشواهد كثيرة. إلا أن في الشعر الحُميني البدويّ الذي يعيش عصر الطفرة ـ الرهيبة ـ من خلال القنوات الفضائية الآخذة بعضها برقاب بعض, اجترار فاسدٌ للكثير من المفردات الغريبة والكلمات العصيّة على الفهم أو التأويل.. فبمجرد أن تحرك الريموت تجاه أي قناة شعرية متناسخة, تجد سيلا هادرًا من المفردات الغامضة والموغلة في اللهجة البدوية الأصيلة التي لم تعد ـ الآن ـ واضحة الملامح بالشكل الذي يصل إليه المستمع أو القارئ المتذوق لهذا الفن الشعريّ. أقول: اجترار, لأن تناسخ الصورة الشعرية وتشابه العواطف في حالات الكتابة, واتفاق لغة الخطاب الغائرة في صيغة مفردات غريبة على جيلنا وعصرنا الزمني, على شاكلة: «مشخاط» و«هداميس» و«نكوعي» وبقية المفردات (الوحشية) المغمورة في عمق تراث الجزيرة العربية المترامية الأطراف؛ بعثت التكرار ووحدة الأسلوب وتشابه الأثر, في الكثير من الأصوات الشعرية الشابّة, التي نأمل فيها محاكاة الزمن بلغةٍ حيّة مفهومة! و لو نظرنا ـ أيضًا ـ لهذه المفردات من جانبٍ جمالي, نجد الاتفاق ـ أو هكذا أظن ـ في نفور الإحساس بموسيقى اللفظ أو الكلمة, فقد قيل قديمًا :«أنّ الألفاظ لها حيز الأصوات, فما يستلذه السمع يميل إليه وما يكرهه ينفر عنه, فمثلاً لفظ المزنة أو الديمة, يستلذها السمع, بينما لفظة البُعاق يكرهها السمع وهي من صفة المطر وتدل على معنى واحد.»! لذلك وجب على شعراء المرحلة التنبّه لعصرية الخطاب ـ إن جاز التعبير ـ حيث أنّ ثقافة العرب ثقافة شعر, وتيار الخطاب الملحون في لغته والوحشي في مفرداته, إن استمر في تدفقه الهائج البعيد كلّ البعد عن واقع الحديث اليومي المألوف والمعاش بين الناس, وعن ملامسة السمع بشكل شفيف واضح, فيليق بنا ـ عندئذ ـ أن نقول: حركة الشعر الحُميني البدويّ ـ رغم كلّ وسائل التوسّع والانتشار ـ لا تكاد تراوح مكانها, تمامًا كما يفعل جنديّ سمع من رئيسه عبارة: مكانك سِرْ!



.

التوقيع:
ما أشدَّ فِطام الكبير!
مالك بن دينار


:
:
الموقع الشخصيّ

.
فوزي المطرفي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس