مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 21-10-2003, 09:25   #1
عذوب
نــثــار حــلــم
 

لمحات عن " التورية " ....

بسم الله الرحمن الرحيم
إخوتي00
هناك العديد من فنون وأسرار البلاغة التي يمكن استخدامها في الشعر00وأنا هنا أحب أن أتطرق لفن التورية00 واعذروني إن كان ما سأكتبه لا يرتقي لمستوى الطرح الأدبي المتخصص00 إنما هو مجرد فكرة أحببت أن أشارككم إياها00
التورية وبعيداً عن التعقيد هي صورة لها معنى قريب يرتسم في ذهن المتلقي 00 ومعنى بعيد يكون في بطن الشاعر كما يقولون00 وأحياناً يلزمك الإحاطة بجو القصيدة ومناسبتها كي تدرك المعنى البعيد الذي يرمي إليه الشاعر

ويحضرني هذا المثال من الشعر النبطي لشاعر بدوي زار خيمة محبوبته وجلس مع أخيها00 وشاهدها تختلس النظر إليه عبر شق في الخيمة00 وأحب أن يعبر لها عن شوقه بدون أن يلفت نظر أخيها فقال

المجمعة وسدير من دون خلّي **** والعارض المنقاد وأشد فرقاه

والذي يسمع هذا البيت يذهب باله إلى المناطق المسماة ( المجمعة وسدير والعارض وهو اسم الرياض قديماً) الموجودة في نجد00 ويتخيل بعد المسافة بينهما وهذا هو المعنى القريب

بينما هو يرمي لأبعد من ذلك 00 المجمعة ( مجمع الرجال في الخيمة حيث يجلس هو ) سدير ( العمود الذي يساعد في انتصاب الخيمة ) العارض( القماش المنسوج الذي يفصل بين مجمع النساء والرجال في الخيمة) 00 وهو قد حصل مناه بدون لفت الانتباه00

كما يحضرني مثال آخر من الفصحى للكاتب جمال حمدان زيادة والذي كتب في مقدمة كتابه إهداءً للقراء أقتطف منه هذا المقطع

كن لي الشراع إذا أبحرت والمرسى
كن لي السراج إذا ما رمت شطآني
لولا رضاك لما أبدعت في المعنى
لولا سناك لما أخرجت (حمداني)

لاحظ كلمة حمداني والتي يفهم منها للوهلة الأولى الحمدان أي الشكر والحمد ويقصد لولا وجود القراء لما ظهر كتابه المعبر عن الحمد والشكر للنعم00 لكن توارى معنى آخر00 أكثر عمقاً00 وهو أنه يقصد أسم كتابه00 حيث أسماه الحمدانيات00 أي لولا القراء لما خرج هذا الكتاب المسمى الحمدانيات إلى النور0

ومثال آخر من الفصحى..

قال سِرَاجُ الدين الوَرَّاق

أصُونُ أديمَ وجهي عَن أُنَاس *** لقاءُ الموتِ عِنْدهُم الأديبُ

وَرَبُّ الشعر عندهُمُ بَغِيضٌ *** وَلَوْ وَافَى بهِ لَهُمُ "حبَيبُ"

كلمة "حَبيب" في المثال السابق لها معنيان: أحدهما المحبوب وهو المعنى القريب الذي يتبادر إلى الذهنْ بسبب التمهيد له بكلمة "بغيض"، والثاني اسم أبى تمام الشاعر وهو حبيبُ بنُ أَوْس، وهذا المعنى بعيد. وقد أَراده الشاعر ولكنه تَلطف فَورَّى عنه وستره بالمعنى القريب
.


وهذه قصة فيها مثال عن التورية ..

سئل أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو مهاجر معه من مكه إلى المدينه من هذا ؟ فقال : رجل يهديني السبيل ...

قد تفرض على المرء أحياناً التخلص من مأزق ما وقد يعن له أن يتوصل إلى غرض ما من خلال كلامه ولاجل ذلك يعمد لقول كلمة يتوهم السامع لها معنى والمتكلم بها معنى أخر والكلمه تفيد المعنيين معاً فعندما سئل أبو بكر الصديق عن النبي (ص) من هذا ؟ وقع في مأزق لانه إن كشف عن شخص النبي (ص) إستدل عليه أعدائه من قريش الذين يلاحقونه ويتحرون عنه و‏إن قال أبو بكر شيئاً آخر كان غير صادق وكيف وهو الصادق الصديق الذي لم يؤثر عنه الصدق ؟ ولذلك قال أبو بكر رجل يهديني السبيل ، فظن السائل أنه دليل من أدلاء الطرق في الصحراء وقصد أبو بكر أنه رسول الله الذي يهديه سواء السبيل وكلا المعنيين موجود في العباره

وهنا نرى وجوهاً عديدة للتورية اتمنى أن أكون وفقت في عرض شريحة منها بطريقة سهله وواضحة
وعذراً على الإطالة00


وأرجو من الكل المشاركة بما يحضرهم من أمثلة تنتمي للموضوع كي تكتمل الفائدة ويعم النفع00 ولا تبخلوا على بآرائكم

دمتم000

التوقيع:
.... وانتهى .

اخر تعديل كان بواسطة » عذوب في يوم » 21-10-2003 عند الساعة » 13:01.
عذوب غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس