كتاب في حكمة الإنسان بلسانه وعلى لسان الحيوان وسائر الكائنات / أديب عباسي
منطق الحمقى
اختلفت الرياح الأربع أيها أقوى وأحبت ان تمتحن قوتها في أحد المارة، فالتي تستطيع ان تطرحه على الأرض أولاً هي أقواهن جميعاً.
وأخذت الرياح تهب بشدة وعنف من الجهات الأربع وأخذ الرجل يستنجد ويستغيث ويطلب إلى الرياح ان يكففن عن الهبوب، فقلن له: ما شأنك وهبوبنا وعدمه؟ أننا نود ان نعلم أينا أقوى وأقدر.
وأدرك الرجل بين أي أربعة من الحمقى أوقعه سوء طالعه، وأدرك أنه مائت حتماً إذا أصر على الوقوف والمقاومة، فأسرع وانطرح في إحدى الجهات وكفت الرياح عن الهبوب، فقد ثبتت القدرة الفائقة لإحداهن.
ماذا يصنع الحب
شاهد مشاهد زهرة وفراشة على فرع واحد. ولما دنا منهما طارت الزهرة وبقيت الفراشة، فاستولى عليه مزيد من الدهشة. فأخذ ما خاله فراشة بيده، فإذا هو زهرة تزيت بزي فراشة، كما تزيت الفراشة بزي الزهرة. فقال: متى صنع الحب مثل هذا فقد بلغ الكمال، لقد نسيت الفراشة أنها فراشة، ونسيت الزهرة أنها زهرة، لأن كلا منهما كانت في قلب الأخرى.
هذا الصنف من الرجال لا يخشى
قال لأبيه: يا أبت، ألا تحاول ان تتوقى هذا الرجل الذي يتوعدك أشد التوعد ولا يفتأ يعلن أنه سيفعل كيت وكيت من أشر الأمور وأخطر الاعتداء؟ فأجاب الأب: هذا الصنف من الرجال لا يُخشى يا بنى، وإنما يُخشى الذي لا يبالغ في التهديد والوعيد. وقد قيل: من أختار أكبر الحجارة فقلما يضرب بها.