الموضوع: مـنـحـو س
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 30-03-2006, 00:05   #1
ماء يعطش
بلاملامح
 

مـنـحـو س


السيجارة تنتقل بهدوء بين أصابعهم ..
وغابة من دخان تغطى ملامح تلك الوجوه الباحثة عن لحظات سعادة
حتى وإن كان وهم الفرح يولد من رحم سيجارة
بتلك الغرفة كانت تجتمع آلامهم وأحلامهم وخيبا تهم ..
في هذه الليلة .. الكل يتعاطى الضحك ..يضحكون على أي شيء ..
المهم أن تسرق شفاهم ابتسامات غابت عنهم أثناء وعيهم ..
ماعدا سالم .. من فترة وصمت غريب يتساقط عليه ..
جميع الشلة لاحظوا أن هناك شيء ما هز حياة سالم ليجعله أكثر هدوءاً ..
لم يعد باعثاً للمرح .. ولم تعد أصابعه تعشق لف السيجارة
نظرات الاستغراب منهم تمر على سالم
في كل مره يأتى وهو بكامل أناقته ..وهم الذين تعودوا عليه بهيئة الدرويش ..
كان يرفع شعار : ليس مهما أن تكون نظيف المظهر ..
المهم أن يكون هذا طاهر وأبيض..(ويشير إلى صدره)
حتى ذوقه في الأغاني اختلف... سالم المدمن لـ عدنيات سعد جمعه وبكائيات مز عل فرحان ..
أصبح الآن يردد :
حبيتك تنسيت النوم .....ويا خوفي تنساني
و
اللي شفته ..قبل ما تشوفك عنيه
عمر ضايع... يحسبوه ازاي عليه

هذه التغيرات في حياة سالم لم يستطيعوا معرفة سببها ..!!
وحده الليل كان شاهد على أن هناك حدث قادم ..قادر على أن يبعثر حياته ويعيد ترتيبها من جديد
حين التقى بها ذات تسكع بممر السوق منحته نظرة جعلته يشعر أنه محاصر بكل الأشياء
شعر أنها تبتسم لارتباكه
بالرغم من خوفه من النساء وعدم ثقته به إلا هناك شيء ما جعله يتبعها بهدوء
كان يريد أن تعيد النظرة .. لتعيد له تلك اللحظة الجميلة التي مرت به مع النظرة الأولى
لا يعرف ماذا منحته تلك اللحظة من شعور ..؟
.ولكن داخله يقول: يكفي أن تلك النظرة أوجدت في يومك شيء مختلف
خطواته الخجولة تغادر باتجاهها .. يتجاهل الكل بنظراته ..
يخشى أن تغادر نظراته باتجاه شيء آخر يحرمه من فتنة نظراتها ..
الحياة فرص , لا بد وأن استغل أي فرصه .. عينيها وطنك يا سالم) - هكذا كان يحدث نفسه -
جاءته الفرصة وبصعوبة وارتباك عرض عليها رقمه
ابتسمت مره أخرى لارتباكه وبغنج قبلت
الارتباك يعود إليه من جديد في بحثه عن ورقه
وجد بجيبه كمبيالة لأقساط سيارته وضع بداخلها رقمه ..
أخذته ..ومضت .. كان يريد أن يقول : امنحيني نظرة من عينيك لأحيا
غادر المكان .. ليتجه إلى مكان بعيد عن الناس ..
كان يخشى أن يأتيه صوتها ويسيطر عليه الخوف
لحظتها سيشعر أن الكل يضحك على خوفه
مع كل دقيقة تمر .. يفكر كيف يبدأ بالحديث؟.. ماذا يقول ؟
هل يحكى لها عن خيبا ته ..؟ لا.. لا يريد أن تشعر بضعفه
هل يحكى لها عن أمجاد زائفة ؟ لا .. لا يريد أن يكذب ..
هي الفتاة الأولى التي تمر بقلبه .. يريد أن يكون صادقاً
أحلامه معلقة على ليلِ هادئ ..يفكر كيف يكون الغد ..؟
كيف تكون حياته وقد دخلت من بوابتها إمرأه..؟
بعد زمن من انتظار وأحلام .. جاء صوتها بكامل أنوثته ...
كانت تلك الليلة بداية لأشياء جميلة سكنت حياة سالم .....
وجد بتلك الفتاة اكثر مما كان يتمنى ..
هل الحظ تعاطف معه ضد حزنه العميق ليهب له إنسانه تحتوى تعبه ولا تمل ؟
استطاعت أن تسرق تفكيره بأي شيء آخر لتستولي على كل لحظاته ..جعلت منه يهذي بها
يعشق الصحو لأنه يمنحه لحظات معها .. ويشتهى النوم لأنها تمر بأحلامه
في كذا ليلة جمعه الحلم بها وفي أثناء حلمه يستيقظ على رنين جواله
ليجد صباحه يزهر بصوتها باعثا: صباحك خير
في هذه الليلة التي استسلم فيها سالم لصمته .. كانت ليلة اللقاء الأول
لم تكن لديه رغبة في أن يقاسمهم متعة السيجارة .. يريد أن يأتيها وهو بكامل وعيه
رغبة جامحة كانت تدفعه لأن يراها ..يجلس معها
تلك النظرات التى كانت ترسلها من خلال النافذة لم تروى عطشه
ومع هذا كان يخاف ...لم يحظى أبدا بالجلوس في مكان يجمعه بعطر أنثى
استجمع قوته للقائها .. لعن الخوف الذي يريد أن يحرمه من فرح يجمعه بعينيها
لم يكن يريد أكثر من أن يضع رأسه على صدرها ..
ليحكى لها عن تعبه ,عن خوفه من الموت , لأن تحميه من شعور الضياع
وليخبرها عن قلبه الذي استطونته بهدوء ..
كان يفصله عن لقائها شارع يعبره , وإضاءة نور غرفتها, والساعة 12 ..التي تثقل خطواتها
لم يلحظ أحد من الشلة خروج سالم المتكرر للملحق .. كان يخاف أن يضيء نور الغرفة ولا يشاهده
لم يقتنع أن الإضاءة ستكون بعد الساعة الثانية عشر ..ولكنه كان يستعجل الوقت ليمر بسرعة
تلك الحالة سبقها ترتيب لكل شيء ..أناقته , علبة هدية فاخرة, روح عارية من كل شيء إلا من حبها

خمس دقائق وتعلن الساعة أن عليه أن يمضي لحلمه الجميل ...
يمضي بهدوء إلى الأسفل .. وصوته يتجه للشله : في هذه الليلة سأجمع كل لحظات الاستمتاع ..لاتسغربوا إن قلَت لحظات متعتكم
الساعة الثانية عشر حضرت .. والنور تمت إضاءته .. بقي أن يعبر الشارع لها ..
لم يفهم أحد منهم ماذا كان يقصد بعبارته ..؟
وفي أثناء سؤالهم لبعض عن قصد سالم من عبارته اتجه لآذانهم صوت ارتطام هز سكون الليل ..
ليتجه الجميع للخارج ..
ويشاهدوا سالم ودمائه تعانق جسده الأنيق وعلبة هدية فاخرة بجواره هربت منها بطاقة مكتوب بداخلها :
(أنا لم أخلق لك .. إنما قد أموت من أجلك)*" عبارة لـ بدر بن عبدالمحسن "


ماء يعطش غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس