الموضوع: صفحات منسية .!
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 07-04-2012, 18:05   #10
يعرُب
 

رد : صفحات منسية .!

-9-
حكاية كتاب

لا يحمل بين طياته إلا صفحات بيضاء ، كانت تلك ذكرياتي ، التي دونتها خلال السنين التي عشت ، وأني عشت مثل أي شخصا عاش قبلي ، فقدته ذات يوم ، تقاذفته الأمواج ليستقر على صخرة بشاطئ ، تنتهي عنده حدود الكون ، هناك على الصخرة ، كانت الريح تقلب صفحاته ، الشمس يحجبها الغيم ، وقطرات الهتان تتساقط على الصفحة التي كنت اقرأ فيها ، رحلت بنظري نحو نورس غريق ، يصارع الموت ، كنت أنظر والحيلة تعتريني ، عدت بنظري نحو كتابي ، لكني وجدت مسافة بين الصفحة التي كنت اقرأها ، وتلك التي وقع نظري عليها في لحظتها ، في البدء تقول " كان هناك نورس غريق ، تركت مكاني على الصخرة نحو شجرة وانتزعت غصنا يابسا ، مددت بها نحو البحر أضرب به الموج ، حتى أبعدته عن الصغير " ، هنا التفت على المحيط ، أبحث عن شجرة غصنها يابس ، وعن نورس غريق ، وجدت من حولي فراغ الكون ، أخذت صفحات الكتاب المبللة أقلبها بسرعة ، عن حكاية نورس بين يدي حملته ، وعلى غصن كنت أضرب به موج البحر ، لم يكن هناك سوى صفحات بيضاء تتشابه مع الفراغ حولي ، ربما أن حكايتي تلك كانت في الصفحات التي مرّت وأنا أنظر للنورس ، بالتأكيد تحكي أني لم أترك مكاني ، وبالتأكيد تخبر أني شاهدته ، ومن الأكيد أنها تُخبر عن ضعفي في تلك اللحظة .

النوارس لا تموت ..
كانت قصة رجل يضرب بعصاه البحر مثل نبي الله موسى إلا أن البحر أيضا وقف ضده ولم ينقسم إلى نصفين في الأصل هو لم يحتاج إلى المرور للضفة الأخرى لأنه ليس بطريدة لأحد ، الرجل لم ينقذ النورس ، هو لا يتذكر ذلك لكني قرأت انه أنقذها في الرواية التي كانت بين يدي وأنا اقرأ فيها واقلب صفحاتها ، وحينما سألته ، هل أنقذت النوارس في حياتك ؟
قال إن تلك الحادثة بالذات أتذكر أني كنت خائف فيها من أصوات ارتطام الأمواج بالصخور ، كان الارتطام ينتج منه صوتا مفزعاً وكأن البحر يتربص بك أن تقترب منه ليلتهمك ، كنت جباناً وتركت النورس يواجه مصيره ، لكنني كنت البطل حينما تقرؤون الرواية ، لا اعلم لماذا وضعني المؤلف بتلك الصورة ، لماذا اظهر مني شجاعة على حساب الحقيقة ، لابد من وجود سر ، وعليك أن تكتشفه .

أمقت تصرفات المؤلف حينما يعبث بحياة الآخرين بالطريقة التي هو يريدها من خلال اغتصاب الأحداث وصنعها بإشكال تتناسب مع ذوقه وفكره وتصوراته .
ما لذي عليّ فعله حتى أصل لحقيقة ما فعله المؤلف في حكاية رجل لعب فيه بذكرياته ، وضعه على صخرة يقلب له كتابه ثم يجعل منه البطل ، أين ساجد لغز تلك الحكاية .

حينما عبرت عن تذمري الشديد للمؤلف ، اخذ الكتاب من يدي وقلب صفحاته بشكل سريع تساعده الرياح في ذلك ، كانت تهب من البحر حاملة معها نسيمه ، وهناك على الصخرة رجل قابع لن يتصرف بشيء في صفحاته البيضاء ، ما لم يكتبها بحبره الرجل الواقف بجواري يقلب كتابه ، ونورس في قفص ينتظر المشهد التالي .




التوقيع:
مرحبا ان كان ديني جاهلية



يعرُب غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس