الموضوع: في إتساق النبض
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 07-08-2006, 21:12   #1
كوثر
شموس لا تحدها سماء
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ كوثر
 

في إتساق النبض

كصحوٍ بعد غفوةٍ لذيذة وحلمٍ لا يغادر مخدته ويرحل، هكذا أجدني ملتبسةً عليّ، متلبسةٌ بروحٍ قديمة، تظفر حنائها المقطوف ورقةٍ ورقة بأيدي عذراواتٍ منحن هوياتهن للريح، زهدن في العابر وتزيَنًّ بعتيق المذهب من قلائدٍ حُرة، أغوين خصب الأرض ليرضين السدرة التي مالت بأغصانها التسعة طواعية لتمنح بعض وريقاتها البرعمية الصغيرة لظفائر البهجة المنطلقةِ من رأسٍ عصيٌ على الحُزنِ ، قريبٌ من غيماتٍ سمائية.
وجدتني في القربٍ جداولِ ود مقطر، كأنما قد مُتَ قليلاً وبُعثت في أرضٍ من جناتٍ لم يرها بشر، لم يطأها أحدٌ من قبل، أخذتني الدهشة من يدي اليسرى ، هناك جهة النبض، استطعمت غلائل عنب التكون الأول قبل البنفسج الداكن، اندهشت من اللين والقطرات الملتفة على دائرتها المنساقة الى كمالها لطعمِ الخلود الذي لم تصفه العرب من قبل، ولا وجد فيه المعجم ما يشرحه فتجاوز عنه خوفاً من السحر المخبوء في بذرةٍ لم تجد جلدتها المشدودة بعشقٍ أرضي الى سماوات ٍ عُليا.
قالت لي الدهشة الأولى كلاماً لا يشبه بعضه، لم أعلم ان كان في الأصلِ كلاماً من أبجديتنا ذاتها، لم أحفظ المعنى ولا أجدت ترديد الكلام لعل من يهوى التحاور والطياسين ، يفك في مربعات حجر شرف الشمس بعض المعنى فتنطلق الحيرة من عقال الظفيرة وتعتق هذا الرأس. انما علقتُ في الجرسِ ، علقتُ في صوت الحديث، علقتُ في ترديد الشيء الذي لم أفهمه، أحسسته ، كما كنتُ في المهدِ أعرف رائحة أمي، أو أُحضر عبائتها من بين عباءات الجيرة أو الخالات، أحسسته كعطر مفرق شعر جدتي النجيبة ، أو كتلك الغمامة الساحرة العبقة التي يتركها والدي في مكانٍ تركه للتو، ذاك الدفء الذي لا اعرف كنهه، يحتضن قلبي البارد، ينتفض بي مني، يخلعُ عني هذا الخمول فأطيرُ، أرقصُ، أخفُ، أستنيرُ، أكونُ.
لا تزال الدهشة متخذةً صورة امرأةٍ عمياء ، طويلة، تنساب حكمةٌ من جبينها، تحادثني، بهذا الصوت ال أعمق من أن أسمعه، أبعد من أن ألمسها/ألمسه، أغرب من أن أحاول ترجمته أو تشبيهه، أرقُ من الحيرة وأحدُ من المراوحةِ الحزينة لعصفورين من وجدٍ جمعهما غصن وفرقتهما عاصفة فاستدلا على بعضهما بفيءٍ وفيّ.
سألتُ قوىً بعيدة وغرائبية أن تمنحني بوصلةً أعبر بها الى خلاصي، أشعر بالدهشة تهز رأسها أسفاً على قلة العارفين، أخبيء عيني من خجلٍ ، وأُسدل ستائري.

التوقيع:
هو نهر الفردوس.. أو هو اسمي.. أو هو أنا.. كوثر.
أرفلُ في نعمةِ الغفران،
مُحلقةٌ في غيمةِ ود.
كوثر غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس