الموضوع: خارطة الطريق!
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 22-05-2010, 21:23   #3
فوزي المطرفي
فـعـل مــاضي!
 

رد : خارطة الطريق!


.


الفطر!

لأن نوافذ الضوء اشرأبت وتمطت بصلبها, للأصوات الشعرية المختلفة, بشكلٍ وصوليٍّ رهيب. ولأن الأمر يعود ـ أولاً وأخيرًا ـ لطفرة وسائل الصوت والصورة النفعية التي تبحث عن ملء الجيوب.. حيث لا يكاد يروّج لبرنامج شعري ضخم؛ إلا وخرج من إهابه ما هو أكثر ضخامة من الناحية التسويقية والدعائية وأيضًا من ناحية التزكية التي تتمّ عن طريق روّاد الجيل وأقطاب المرحلة الشعرية. فإن ما يعتمل في داخلي الآن, هو الخوف من فشل ـ جلّ الشعراء الشباب ـ في التركيز على الظهور المقنن بشكلٍ داعمٍ لمسيرةٍ متئدة لا متهورة. فقد قيل وقيل عن حكمة: كن كالشجرة تنمو في بطء بالترسّخ, ولا تكن كالفطر, يبزغ فجأة ولا يبقى طويلاً! فلو سألنا شريحة منوّعة من جمهور الساحة الشعبية عن أبرز شعراء برنامج المليون في تجربته الأولى في ذلك الرواج الرهيب الذي كان, فأكاد أظن ـ والظن بمعنى اليقين ـ أن تواتر الإجابة ستأتي بالحيرة والنسيان, وذلك لأن ما يظهر فجأة لا يلبث أن يطمر في ذات الفجأة نفسها!
من هنا أهيب بشعرائنا الشباب, الترويّ في الظهور الإعلاميّ, والاشتغال على التجديد والابتكار في أفكار القصائد والأبيات قدر المستطاع ـ حيث أن التجديد المطلق أمر متعذر النوال بلا شك ـ, ودون النظر لما تروجه قنوات الصور الحسيّة المتوارثة الواحدة, من عبارات ثابتة وجامدة لا حراك بها, وأفكارٍ مكرورة خرجت جرّاء الصيحة المدويّة من ذاكرةٍ مفتونةٍ بالأحدوثة والصيت وعاطفةٍ متأثرة بلباس شهرةٍ صوتية تفتقد حقيقة التجربة اليومية التي يبحث عنها القارئ بوصفه يعيش في مفارقات ضوئية!
أرجو أن لا يؤخذ الكلام بمعنى هجر لغة التراث التقليدية هجرًا كاملاً, فهذا الأمر مستعصي على مدارك فكرية دارت في رحى قرنٍ من الزمان طويل, بيد أن الجديد الصالح لذلك الزمان, لا يكون ـ أكثره ـ جديدًا في هذا الزمن, وهذه هي العقدة التي تحتاج إلى حل. لذلك, وجب أن يؤخذ الأمر بشريعة الإنصاف بين معطيات ذاك الماضي وهذا الحاضر. للتأمل: شاعرٌ في غضارة الصبا ينادي بصورة تراجيدية معادة: البارحة ساهرٍ والنوم ماجاني.. أو البارحة ما ذاقت النوم عيني. فلا جديد والسهر واحد! أو ينشد بطريقةٍ ابتهاليةٍ متطابقة: ياالله يا عالم جميع الغيوبي.. و: يالله ياعالم خفيات الاسرار.. حيث المعنى الثابت لا المتحرك! أو بمصطلحات وحشية متشابهة: ياراكب اللي يمرخنّ الحبالي.. أو: ياركب اللي للضنا ما ارزمني. حيث الركوب الواحد والذاكرة الواحدة!


.

التوقيع:
ما أشدَّ فِطام الكبير!
مالك بن دينار


:
:
الموقع الشخصيّ

.
فوزي المطرفي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس