مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 10-06-2006, 19:43   #24
أميرة عربية
الكاتبة عَائِشَـة ْ السَّيْفـِيّ
 

رد : شَظـَايَاهَا عَلـَى جَسَـدِيْ .. !

السَّلامُ عَلَيْكـُمْ وَالرَّحْمَـة ْ

مَقـَالٌ نٌشِرَ اليَومَ مِنَ النّاقِدِ الأسْتـَاذِ .. / أحْمَدَ المَالِكِـيّ حَوْلَ القَصِيْـدَة ِ
"
"

أتـْرُكُ لَـكُمُ فُسْـ حَ ـة َ القِرَاءَة ِ !
.

صراع اللغة والفكرة في قصيدة ( شظاياها على جسدي )

اعتدت أن يكون أول تعليق لمن يقرأ قصائد عائشة السيفي ( تلعب باللغة كعجينة ) ، لكني كنت دائما أعلق أن العكس هو الذي يحدث تماما وأن عائشة مسحورة باللغة لا العكس .

هذه الشاعرة الشابة ولجت الساحة بقوة وسرعة ضوئية قياسا إلى عمرها الصغير جدا معتمدة على مقدرتها في إضفاء نكهة مختلفة للفظة عبر التوظيف الخيالي للغة التي اعتمدت عليها كثيرا في قصائدها أكثر من الفكرة .

وقد يبدو الأمر واضحا تماما في أي قصيدة تقرأ لشاعرتنا .. بيد أنها في قصيدتها الأخيرة ( شظاياها على جسدي ) اعتمدت اللغة التي تقدم نضجا واضحا في الفكرة والمضمون واللغة كعادتها .

لكنها وقعت في مطب الانجراف الحقيقي الذي تشكله اللغة لها .. إذ فشلت في مقاومة الوقع النفسي الواقع عليها بتأثير اللغة ، والذي يدفعها دائما إلى المشي وراء ظلها أكثر من التركيز على المسار الشعري الذي بدأته في أول قصيدتها التي اعتمدت نظام الرجوع العكسي .. بحيث عادت إلى ما وراء المقطع الأول من القصيدة لتتحدث عن الصراع الداخلي الذي احتوته حكاية ما لحبيبين ..
لكنها رغم ذلك وقعت في مطب التلبس بالرجل كعادتها من أول قراءة للقصيدة في عنوانها ( شظاياها على جسدي )
وكأنها تؤكد للقراء الذين لفت انتباهم بالتأكيد حياؤها الدائم عن لغة التصريح بالأنثى العاشقة ..
ومع ذلك فقد مارست بذكاء أسلوبها هذه المرة بشكل مختلف
فلم تبدأ مباشرة بالتصريح المباشر بذلك وإنما بدأت المقطع بتقنية ذكية للغاية هي

كَتَبَتْ فَتـَاة ٌ عِنْدَ خَاصِرَة ِ الحِكَايَـة ِ جُمْلَـة ً

)وِلادَة ٌ .. صَمْت ُ الكَلام ِ ، وَفَارِسِيْ وَجَعِيْ

وَمَا قَرَأ َ الحِكَايَة َ عَابِرٌ .. إلا استَحَالَ هَشِيمُـهُ
بَدْرَا ً يُسَامِرُ سَيـِّدَاتِ اللّيل ِ يَكـْتُبْنَ الخَطِيئَة َ كَالعَذَابْ (

ثم عادت لتنقل ردة فعل الطرف الآخر الذي يمثله الحبيب

وَأتـَى إلَيـْهَـا مِنْ جُنُونِ اللّيل ِ عَاشِقـّهَـا فَغـنَّى
) مَوْتـُورَة ٌ رُوْحُ الحَبِيبَة ِ .. صَدْرُهَا وَطـَنِيْ ، وَخَاصِرَتِيْ اغـْتِرَابْ(

ثم استرسلت وأكملت النص لتترك للقارئ الخيال في إسناد المقاطع الباقية للحبيب المغترب مع عدم الإشارة الصريحة لذلك ، وكأنها تنقل للقارئ الخيار أيضا في إسناد المقاطع الأولى إلى الحبيب اعتمادا على أنها استخدمت تقنية الرجوع العكسي
من هنا تعود عائشة السيفي لتؤكد صورة الأنثى التي لا تقدم صورة الحب بشكل مباشر بل يروق لها أن تقدم النص بلسان الآخر الواقع في تلابيب الغرام

وعبر بحر الكامل الذي اعتادت الشاعرة الشابة السير عليه غالبا وجدت مساحة من الحرية أكبر في تكثيف اللغة ..

هذه الأداة الناجعة التي تدفعنا دائما للتوقف بدهشة قائلين ( لغة ساحرة وإيقاع يرقصنا ) .
لكنها مع ذلك تسمح لها من جديد في قيادتها إلى حيث الشاطئ الذي توقفها اللغة به ، مع أنها ركزت في قصيدتها الأخيرة بشكل أكبر على الفكرة التي لطالما بدت ضبابية للكثيرين .. فظهرت بشكل ومضة تشير لها الشاعرة بشكل غير مباشر يدفع القارئ إلى البحث عن مكامنها والغوص في عالمها للإمساك بها

أما هنا فكانت الفكرة تظهر بشكل واضح تماما وبأسلوب مدهش غير متوقع

وَأنَـا الغَرِيبُ عَلَى شَظَايَـاكِ التَحَمْتْ ..

إنِّيْ إلـَى مِينَاءِكِ المَاضِيْ ارتَحَلتْ ..
يَجْتـَاحُنِيْ مِنهُ النّسِيمُ فَأرتـَوِيْ عطَشـَا عَلـَى عَطـَش ِ

وَفَرَرْتُ مِنِّيْ
فـرَّ مِنِّيْ الوَقـْت ..

فتعمدت بشكل واضح إقصاء الزمان عن القصة التي تجمع الحبيبين والخروج من التلبس الجسدي إلى مساحات أكثر اتساعا وحرية في ممارسة الفعل الموازي للحب ..
مستخدمة في ذلك تقنية التناقض التي وظفتها عبر الجمع بين الارتواء بالعطش الذي جاء مناقضا لفكرة الارتواء بالماء وكأنها تقول للقارئ أن الجموح يغذي الحب المزروع في القصيدة ..

هذا الحب الذي يدفع الحبيب لرؤية الحبيبة في كل الملامح حوله بما فيها ملامح القصيدة فهي تمثل له ( الرسم والمرسوم والحكاية والزمان والمكان والعناوين والماديات )

كما أنها تمثل البداية والنهاية في الحج الذي ينتهي إليها والإرضاء الذي لا يتم إلا باستمرار حلقة الذهاب والإياب إليها وإهداءها الروح الأخيرة التي تبقت له ..

إن التوازي النصي الذي تقدمه الشاعرة في قصيدتها بين المفردة والدلالة التي تقدمها يجعل القارئ أكثر انصهارا في النص الباذخ بلغته وفكرته ..

وإذا ما استمرت الشاعرة التي تنضج بهرمونات قصائدها على خط زمني يكاد يكون ضوئيا بالسير على هذا الإغراق المدهش للقارئ في نصوصها فإننا سنكون أمام مدرسة لغة شعرية جديدة متفردة بصورها ومفرداتها ..

التوقيع:
لَقَـدْ عَلَّمَـتْنِيْ حُرُوبِيْ
لأجْلـِكِ ..

كَيْفَ يَصِيرُ المُتَيـَّمُ رَبَّا ً
.
يُـ غَ ـذِّيْ القَصِيْـدَ
عَلَى .. ،

ضَّفـَتَيْكِ !
أمِيْـ عَرَبِيَّـة ْ ـرَة ٌ !

اخر تعديل كان بواسطة » أميرة عربية في يوم » 10-06-2006 عند الساعة » 23:08.
أميرة عربية غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس