مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 20-06-2010, 18:38   #1
نُورَه
.
 

تحتَ حواف الأبواب !

.
.





في المرة القادمة تحفظي في وضع شفاهكِ على فم الظرف اللاصق ، أنا مجنونٌ بكل التفاصيل التي تأتِ بكِ ، لذا لاتعجبي إن أغاضني تخيل شكل جانبه الملبَّد وهوَ يحاول الإحتفاظ بشفتيك أكثر كلما هممتِ بإبعادها عن فمه !
التوقيع : محبوبك


سلمت ظهرها لوجه الساعَة وهي تقبض على آخر أطراف الورقَة لتتركها تركع في الخواء ، تيقنت أخيراً بأن الحُب لا يعترف بالأساليب المُعتقة منها أوالحديثَة ! ، الحُب شعورٌ مُتكيف ما دُمتَ تعيشَه وكأنكَ خارج نطاق الزمن ، هوَ عُملة صعبة المزاج ، قد تنخفض لتُفلس جيوبَ أيامك من كُل شيء ! ، حتى منك ! ، وقد ترتفع لتجعلكَ فاحشَ الثراءِ بقلب أحدهم ! ، هوَ طفل يخلقه الله في رحم الأشياء الموصولة بقلبي اثنين ، كالنظر ، والسمع ، والصُّدف ، و العجز عن إدراك الميل .. يولد وصرختهُ نياتنا ، وعليها فهوَ يشب وينمو .

تمددت رئتيها و انقبضت بتنهيدةٍ سرقت من الوقت ست ثوانٍ ، عندما تنبهت لأوراق التقويم المُنكبة على وجهها في أحد أدراجها المحضورة ، حررت كفها من خدها ، و ناولته إياها ورقة ورقة ، وهي تقتات مادون على هوامشها من تأثير أحرفه على الماء بداخلها ، تلقفت إحداها بتملل وهي تقرأ : ( المطر والهواء يعتذران للشتاء ، لم يبلغ أي من بردهما مبلغ إطفاء الدفء الذي اعتراني عندما أمسكت رسالة من أسفل الباب ، كُانت يده نفسها التي أتمنى وضعها على قلبي قد تركتها للتو - 22 آذار - ) .
توجهت بنظرها صوب النافذة وأغمضت عينيها هاربة إلى آذار ، سمعت زئير الرعد قادم من ذلك اليوم ، و المطر يتغنج أمامه على أسقف البيوت وكفوف الأشجار وهي تراه يشق الشارع الخالي مهرولاً ، رافعاً معطفه الرمادي فوق رأسه ، مُمسكاً بقلبه في يده . راقبتهُ وهو يختفي في أحضان مدخل منزلهم الخارجي ثُم يظهر مرة أخرى يجر خطواته الرصينة ، ليغوص في بُعد المسافة عنها . شدت على جفنيها عندما تذكرت نزولها بلهفة مُحب يقف أمامه حبيبه ! ، فيُسرع للإرتماء في أحضانه . انسدلت على الدرج بخفه ، وسلمت ساقيها لأرضية الصالة ، فدفعها التوق ناحية الباب لتجد نفسها في كبد المطر ، تبحث عن قلبه المدسوس تحت حواف الأبواب . هكذا هي الشتاءات بقرب طقوس عاشقة ! ، تنصب في بعضها لتُحدث توليف مُهيب للذاكرة ، كتعويذة ألقيت على رؤوسنا وأقسمت أن لا تبرح أحزاننا .
حاولت فرك صدغيها لحظة حلول هذه الأحداث فلم تُزح لحظة من لحظاتها ، إنهُ جبروت الذكريات ، وإغواء الشتاءات بالذات ، لقد جعلا من الساعَة التاسعة صباحاً وجبة رابعة يحيى عليها يوماً بأكمله ، طوال سنة وهيَ تعيش على هذا التوقيت ليتبادلا فيه القلوب ، يوم يحقن روحه بحروفها الرشيقة ! ، ويوماً تتنشف رسائِله الأنيقَة ! ، وكُلاهما يغيب في جوف حوتٍ لم يستطع قلب أحدهما أن يسيطر على نموه ، فكبر وتعاظم حجمه ، وسلما بأنهما في مأمن من كُل شيء إن ابتلع روحيهما معاً .

فتحت عينيها في تثاقل على الأوراق ، ثُم يممت وجهها نحو الجدار ، غابَت كثيراً بينَ عقارب الساعَة المُتلاحقة ، ترقبُ كُل هذا الضجيج الذي يُحدثه عقرب الثوانِ في داخلها ، وفي أثناء ذلك تنبهت لطرق أحدهم على باب غرفتها !!
كانَت الخادمة ، تُخبرها بأن أختها الكٌبرى تنتظرها في الأسفل هيَ وطفلها ، همَّت لتقوم فاعترضتها ورقة تقويم بتاريخ اليوم ( 17 أيلول ) ، إنحدر حاجبيها بأسى ، إنهُ اليوم العاشر لإضرابهِ عنها بعد أن أخبرتهُ ورقياً بأنها ترغب في أن يُحادث أخيها بشأن كليهما ! . طال تأملها هَذا التاريخ ، تنازعت قبائل في قلبها المغمور ، تعالى الدم إلى رأسها ، احتقنت عينيها ، وقبل أن تشهد نتيجة كُل تلك الصولات والجولات في شعورها ! أخذت الورقَة وألصقتها على الجدار .
ابتسمت ، وسلمت ظهرها لوجه الساعة ! ، ثُم خرجت .





.
.





مسابقة الأدبي مواسم ( ذاكرة العرب )

نُورَه غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس