26-01-2006, 22:33 | #1 |
شـــاعر
|
سعد الحريص إحساسٌ صادقت عليه الأيام؟
قراءة انطباعية ..... نزف / سعد الحريص
ياحادي الركب لا تنطح هجير الشموس=واحجب ظما البيد عن ماها وعن عيسها كلٍ على قد فهمه والليالي دروس =واهــل الحجا تفـهم الـدنيا وتدريسـها والشجرة اللي علت في جذعها نخر سوس =لو تصبر الريح عنها كان ما جيسها ابقطع الصمت في صوتٍ كما حد موس =واقرع طبول الوفا واضرب مراويسها ما كانت الحرب الا حرب روم مجوس =والا ارضها يعربيه في تضاريسها في قدوها تفتن الانظار مثل العروس=وعجوز شمطى إذا اقفت في هداريسها ليا اقبست قل طالبها وطاب الجلوس=لو قلت يا كثرهم فينا معاريسها ما هي بداحس وغبراهم وحرب البسوس =جحافل الروم تزمي في كراديسها آقول وجه الزمن باكر علينا عبوس =والله يكذب فزع نفسي واحاسيسها انتهج الشاعر سعد الحريص في قصيدته (حادي الركب) أسلوباً لا يختلف كثيراً عن قصائده التي كتبها في نفس المرحلة ولا يشذ عن تيار القصيدة الشعبية السائد في تلك الحقبة من الزمن وهو تيار يمزج بين الحداثة بصورتها التي تشكلت من خلال العديد من القصائد التي كتبها معظم الشعراء الشعبيين من جيل الثمانينات وبين ما يتميز به شعر الحريص من جزالة اللفظ وأصالته. استهل الشاعر قصيدته بقوله (يا حادي الركب........) وقد وفق الشاعر في هذا الاستهلال الرائع القوي وكان للنداء في قوله يا حادي الركب فعل السحر حيث نجح هذا المطلع في أن يؤدي أهم وأعظم وظيفة يجب ان يحققها مطلع الكلام سواء كان شعراً أو نثراً وهذه الوظيفة بالطبع هي جذب انتباه المستمع أو القارئ بقوة وضمان إصغائه وتركيزه الذهني لما سيتبع هذا المطلع من معاني وأفكار تمثل في مجموعها القلب النابض للنص الأدبي فلا أقوى من النداء في تحقيق مراد الشاعر. الجميل في بيت النداء الأول ـ إن جازت التسمية ـ أنّه وضّح لحادي الركب طريق النصيحة والسلامة إذ قال:" لا تتبع هجير الشموس" وأردف الطلب بأمرٍ أشبه بوصية تبيّن مقدار الحبكة التي تضمّنت استهلال الشاعر حيث قال:" واحجب ظما البيد عن ماها وعن عيسها" ترتيبُ كهذا ( نداء, نهي، أمر) لا يتقنه إلاّ شاعرٌ عرف مداخل الشر ومخارجه.!! ثم انتقل في البيت الثاني والثالث إلى ضفاف المعنى الرسمي للقصيدة فكان هذان البيتان كمن يحوم حول الحمى ويوشك ان لا يقع فيه, واختار في طريقه نظمها أسلوبا أشبه ما يكون بأساليب الحكم والامثال في حين أن الشاعر لم يستند في هذين البيتين على الاقوال المأثورة بل كان يعبر عن قناعات ذاتية وخاصة به وحده لذلك فقد تعمد أن يمررها على المتلقي وكأنها ضرب من المسلمات, خشيت أن تصدم القناعات الخاصة هذه بمالا يتعارض معها من قناعات المتلقي وهذا الاسلوب في غاية الدهاء والحنكة. وبعد ان تفنن الشاعر من نجاحه في تهيئه الجو العام للقصيدة والتمهيد المناسب لما يريد أن يدفع به من معاني بدأ الشاعر بيته الرابع بطريقة جريئة ومباشرة حيث يقول:
ابقطع الصمت في صوتٍ كما حد موس =واقرع طبول الوفا واضرب مروايسها
ونلاحظ هنا تحول الشاعر إلى الحديث عن نفسه بعد أن مر بمرحلتين سابقتين كانت الأولى في استثناء هي محاولة جذب الانتباه وأخذت الثانية التهيئة والتمهيد وعلى هذا الحال استمر في بقية الابيات ليختتم قصيدته بالبيت التاسع الذي يقول:
آقول وجه الزمن باكر علينا عبوس =والله يكذب فزع نفسي واحاسيسها
وهنا ختامٌ مدروس ومقنّن, بدليل كلمة"علينا" والتي لم تأتِ من باب الحشو والوزن بقدر ما كانت إشارة واضحة لمستقبلٍ يعجّ بالريبة! أمّا الشطر الثاني المغلّف بالدعاء والتمنّي فربما حاول فيه أن يخفف ما يمكن أن تتركه هذه القصيدة من أثار سلبية في نفس القارئ بقوله :"والله يكذب فزع نفسي واحاسيسها"، وللدعاء تأثير في الشعوب العربية, خصوصا إذا تضمنت لفظ الجلالة. القصيدة في لغتها بسيطة وسهلة ومتوسطة بين الفصحى والعامية ما عدا بعض المفردات التي كانت فصيحة معحيه مثل. لم يوفق الشاعر في بعض المفردات مثل (البيد، عيسها، الحجا، شمطى، جحافل ، كرديسها) الغارقة والقابعة في بطون المعاجم البعيدة عن ألسن المتحدثين , وهذه المفردات قد تستصعب على فهم القارئ الشعبي خاصة وفي المقابل بعض المفردات والتي تنحصر في الشعبية الضيقة الاقليمية مثل (ما اجيسها ، هداريسها) . بحر القصيدة بحر القصيدة يسمى البسيط وهو من البحور المشتركة التي يشترك فيها الشعر الفصيح والشعبي ,, وتفعيلتيه
مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن=مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن
ويسمى البحرفي الشعبي الهجيني الطويل وبنفس التفعيلة وميض: أكثر ما أدهشني في هذه القصيدة أن تاريخ كتابتها كان قبيل حرب الخليج الثانية وأن معانيها تنطبق انطباقاً كاملاً على أهداف تلك الحرب, فهل حقاً هذا إحساس الشاعر الذي صادقت عليه الأيام؟ أم أنه توهم قارئ اختلفت عليه المعاني؟! حمود الصهيبي |
27-01-2006, 03:05 | #2 |
ينتظر التفعيل
|
رد : سعد الحريص إحساسٌ صادقت عليه الأيام؟
قصيدة جميلة للحريص.. ورؤية نقدية تنم عن تمكنكـ ياحمود.. لكـ وللحريص اجمل التحايا.. |
27-01-2006, 03:06 | #3 |
شـــاعرة
|
رد : سعد الحريص إحساسٌ صادقت عليه الأيام؟
مساءك ورد شكراً شاعرنا حمود الصهيبي وجدنا شيئاً مختلفاً عن كونك صحفي وشاعر بل ناقد أيضاً مميزاً الموضوع متكامل وأشيد برأيك وأميل إلى أنتقاد الأجزاء التي أشرت لها كمصطلحات فقط لابد من تكرار هذه التجربة من القراءة الأنطباعية الجميلة التي استمتعنا بها جداً في مواسم الأدب خالص الود والإحترام |
27-01-2006, 13:29 | #4 |
شـــاعر
|
رد : سعد الحريص إحساسٌ صادقت عليه الأيام؟
خالد القحطاني الاجمل حظورك الذي ينم ( لا) بل يدفعني الي الكتابة بتقنن خالد . لك كل التحيايا |
27-01-2006, 22:42 | #5 |
|
رد : سعد الحريص إحساسٌ صادقت عليه الأيام؟
. أطلالة مشرقه يا حمود .. أفتقدنا قلمك في مواسم لـ فترة طويلة .. إن كان الشاعر سعد الحريص يتميز بـ جزالة اللفظ والأصالة والأستقراء للوضع السياسي معتمداً على حدسه .. فأنت هنا تميزت بالمرونة والدقة في مناخ تحليلي متكامل .. تم من خلاله رصد القدرة الإبداعية الناصعة في تجربة سعد الحريّص .. أكثر ما أدهشني في هذا الموضوع ياحمود.. هو الظهور المتجدد والمتنوع لـ كل موضوع تطرحه هنا .. وما يحبطنا هو عدم التواصل مع تفاعل ردود الأعضاء المشاركين في بعض مواضيعك .. سعيدة جداً بـ عودتك .. أطيب تحية .. . |
19-02-2006, 00:43 | #6 | |
شـــاعرة
|
رد : سعد الحريص إحساسٌ صادقت عليه الأيام؟
إقتباس:
ما هي بداحس وغبراهم وحرب البسوس جحافل الـروم تزمـي فـي كراديسهـا آقول وجه الزمن باكـر علينـا عبـوس والله يكـذب فـزع نفسـي واحاسيسهـا يبدو أن هذا أستقراء من الشاعر وقد حدث ماتنبأ به وصادقت عليه الأيام ملاحظه مهمه وجدتها عندما أعدت القراءة كانت فطنة أيضاً من الكاتب والشاعر حمود الصهيبي من فكرة أختيار القصيدة وقراءتها نتمنى تكرار هذا النوع من المشاركات المهمة والراقية في مضمونها تحيتي و احترامي |
|
02-06-2006, 03:31 | #7 |
بقـايا حُلـم
|
رد : سعد الحريص إحساسٌ صادقت عليه الأيام؟
قراءة ورؤية تستحق التصفيق رائع شكرا لك |
28-12-2006, 04:04 | #8 |
شـــاعر
|
رد : سعد الحريص إحساسٌ صادقت عليه الأيام؟
نورة العجمي وجودك ينبت ورد في متصفحي دمتي بود |
عدد المتواجدون في هذا الموضوع » 1 , عدد الأعضاء » 0 , عدد الزوار » 1 | |
|
|
|