27-07-2010, 20:35 | #1 |
شــاعر
|
ستجنون علينا أيها البخلاء
قاتل الله هذه الصفة الذميمة وكل من يتصف بها البخل أنه من أذم الصفات في الإنسان بل هو شعبة من شعب الحسد والعياذ بالله لا يحمد البخل في أي باب كان. أقبل الشهر الفضيل شهر الخير شهر الرحمة شهر العطاء شهر قال الله عنه في الحديث القدسي : (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) تعالوا أيها البخلاء استمعوا وأعوا . إذا كان البخل يمنحكم الفرصة كي تعوا في ورقة صدق قدمها الشيخ ( الشيخ محمد جمعة الحلبوسي) نقِف اليومَ مع قصَّة من قَصص القرآن العظيم، مع قصَّة تُحدِّثنا عن خُلُق من أخلاق أهل النار، عن خلُق تَدعو الملائكة على أهله كلَّ صباح، فضلاً عما يجلبه لأهله مِن اللَّوم والحسْرة في الدنيا، والعقاب الأليم في الآخرة، ألا وهو البُخل. هذه القصة تُعلِّمنا درسًا عظيمًا؛ أنَّ مِن أسباب دوام النِّعم وازديادها، ونموِّها والبرَكة فيها - الإحسانَ إلى خَلْق الله، ومن أسباب زَوال النعم وحلول النِّقم في الدنيا، فضلاً عن العذاب الشديد في الآخرة - الإساءة إلى خَلْق الله وظُلمهم. مع قصة يُواسِي الله بها نبيَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويُذكِّر بها القُرشيِّين ويُحذِّرهم من مغَبَّة أمرهم الذي هم فيه مِن شِرْك وضلال، وكفر وعناد، إنها قصة أصحاب الجنَّة، الذين ابتلاهم الله بالخيرات والنِّعم. أيها المسلم: إنَّ في قصة أصحاب الجنة عِبرةً ضربَها الله لأهل قريش، الذين كفروا برسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - مع أنَّ الله - تعالى - أنعم عليهم ببَعثته - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيهم هاديًا ومبشِّرًا ونذيرًا، وأنعم عليهم بالمال والجاه، والولَد والسِّيادة، وأطعمهم مِن جوع، وآمنَهم من خوف، لكنهم لم يُقدِّموا لذلك شُكرًا؛ لذلك قال الله - تعالى -: ﴿ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ ﴾ [القلم: 17]؛ أي: يا محمد، إنا بلَوْنا أهل قريش كما بلوْنا أصحاب الجنة. فيا تُرى، ما هي قصَّة أصحاب الجنة الذين وسَّعَ الله عليهم؟ وماذا كان موقِفُهم مِن الفقراء والمساكين؟ تعالَ معي؛ لنتعرَّفَ على هذه القصة العظيمة، والتي تَحمل في طِيَّاتها معانِيَ ساميةً، وعِبرًا عظيمة، ولْنَسمع إليها: في أرْض اليمن، بالتحديد في قرية يُقال لها: "ضَرَوان" على سِتَّة أميال من صَنعاء، عاش أحدُ الصالحين الأغنياء، وكان على دِينِ أهل الكتاب، وكانت له جَنَّة فيها أنواع من الأشجار المثمِرة، وجداوِلُ الماء العَذْب تسقيها، فتُعطي تلك الأشجارُ فواكهَ لذيذةً، وكثيرةً ومتنوِّعة. وكان هذا الرجلُ الصالح لا يُدخِل بيتَه ثمرةً منها حتى يقسمَ الثمار ثلاثة أقسام: قسم للفقراء والمساكين، وقسم لأهل بيته، وقسم يردُّه في المحصول؛ لِيزرعَ به الأرض؛ لذلك بارك الله له في رِزْقه وعياله. فلمَّا مات الشيخ ووَرِثه بَنُوه - وكان له خمسة من البنين - فحَملت جنَّتُهم في تلك السَّنة التي هلَك فيها أبوهم حملاً لم تكن حملَتْه مِن قبل ذلك، فراح الفِتية إلى جنَّتهم بعدَ صلاة العصر، فأشرفوا على ثمرٍ ورِزق فاضل، لم يُعايِنوا مِثلَه في حياة أبيهم. فلمَّا نظروا إلى الفضل طَغَوا وبَغَوا، وقال بعضُهم لبعض: لقد كان أبونا أحْمَق؛ إذْ كان يَصرِف من هذه الثمار للفقراء، دَعُونا نتعاهد فيما بيننا ألاَّ نُعطيَ أحدًا من فقراء المسلمين في عامِنا هذا شيئًا؛ حتى نَستَغنِيَ وتَكثر أموالنا. فرضِي بذلك منهم أربعة، وسَخِط الخامس، ونصَحَهم أن يَسيروا على ما سار عليه أبوهم؛ حتى يبارِكَ الله لهم في رِزقهم وجنَّتهم، لكنَّهم بَطَشوا به، فضربوه ضرْبًا مبرحًا. فلمَّا أيقن الأخُ أنهم يريدون قتْلَه، دخل معهم في مَشُورتهم كارِهًا لأمرهم، غيرَ طائع، فراحوا إلى منازلهم، ثم أقْسموا على قَطْف ثمارِ مزرعتهم دون إعطاء الفقراء شيئًا منها، وتعاهَدُوا على ذلك، ورَفَعوا شعارًا: "لا للفقراء بعدَ اليوم، لا للمساكين بعدَ اليوم، لا للمحتاجين بعدَ اليوم". لقد غفَل أصحاب الجَنَّة عن أنَّ الله يَسمع سِرَّهم ونجواهم، وأنَّ الله علاَّمُ الغيوب، لقد غاب عنهم أنَّ الله - سبحانه - يُثِيب أصحابَ القلوب الطيِّبة، الذين في قلوبهم رِقَّة ورَأفة ورحمة للمؤمنين، ويرْحم الله من عباده الرُّحماءَ ويثيبهم. لقد غاب عن أصحابِ الجنة الذين يُدبِّرون ويُخطِّطون لحرمان الضعفاء والمساكين - أنَّ الجزاء مِن جنس العمل؛ فمَن أكرَمَ الناس أكرَمه الله، ومَن حرَمَهم حرَمه الله، ومَن منعهم الخير منعه الله، فجزاءُ سيِّئةٍ سيئةٌ مثلُها. تعالَ لنرى الذين أضمروا الشرَّ، وعزَموا على حرْمان المساكين؛ ما الذي حدَث لجنَّتهم وبُستانهم وحديقتهم؟ ﴿ وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ ﴾ [الأعراف: 4]، ﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ ﴾ [الأعراف: 97]. يَا رَاقِدَ اللَّيْلِ مَسْرُورًا بِأَوَّلِهِ إِنَّ الْحَوَادِثَ قَدْ يَطْرُقْنَ أَسْحَارَا لاَ تَفْرَحَنَّ بِلَيْلٍ طَابَ أَوَّلُهُ فَرُبَّ آخِرِ لَيْلٍ أَجَّجَ النَّارَا واسمع إلى كتاب الله وهو يُحدِّثنا عنهم: ﴿ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلاَ يَسْتَثْنُونَ ﴾ [القلم: 17 - 18]. حتى كلمة "إن شاء الله" لم يقولوها. وهم نائمون جاء القرارُ الإلهي بتدمير جميع ثمار ذلك البُستان، ﴿ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ﴾ [القلم: 19 - 20]. قيل: إنَّ سيدنا جبريل - عليه السلام - اقتلعها، وقيل: أصابتها آفةٌ سماوية، وقيل: إنَّ الله أرسل عليها نارًا من السماء فاحترقت. قال ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - عن ﴿ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ﴾: "صارتِ الجنة محترقةً كالليل المظلِم". يا الله! أيُّ كارثةٍ هذه؟! الإنسان ينام وهو يملك الملايين، ويستيقظ في الصباح ليجد نفسه لا يملك شيئًا! كم مِن إنسان في دنيا الناس اليوم كان يَملِك ما يملِك، لكن بسبب الذنوب ضاع كلُّ شيء، وكم من إنسان كان يملِك العقاراتِ والسيارات، وبسبب الرِّبا ضاع كلُّ شيء، وكم من إنسانٍ كان يملك الملايين، فعندما رفَض إخراج الزكاة من ماله، ضاع هذا المال! أخرج ابنُ أبي حاتم وابن مردويه عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إيَّاكم والمعاصي، إنَّ العبد لَيُذنب فيَنسى به البابَ من العِلم، وإنَّ العبد ليذنب الذنب فيُحرَم به قيام اللَّيْل، وإن العبد ليذنب الذنب فيَنسى فيُحرَم به رزْقًا قد كان هُيِّئ له، ثم تلا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ﴿ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ﴾ [القلم: 19 - 20] قد حُرِموا خيرَ جنَّتهم بذنبهم))؛ الدر المنثور الجزء: 8 صفحة 251. وفي الصباح الباكر نادَى بعضُهم على بعضٍ أنْ هلُمُّوا لتنفيذ المخطَّط الذي أجمعوا كلمتَهم عليه، ثم تحرَّكوا في تسَتُّر وصمت كاملَيْن؛ حتى لا يُدرِكَهم أحد من الفقراء والمساكين، فيتبعهم إلى البستان؛ أمَلاً في الحصول على شيء مما يجمعون، كما كانوا ينالُون ذلك على زمان أبيهم مِن قَبلُ. وفي ذلك يقول الله - تعالى -: ﴿ فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ * أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ * فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ * أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ * وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ﴾ [القلم : 21 - 25]. يتنادون فيما بينهم ﴿ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ ﴾: اخْرُجوا إلى جنَّتكم صباحًا مبكِّرين، ﴿ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ ﴾: إن كنتم تريدون اجتناءَ الثَّمر. ﴿ فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ ﴾: وبعضهم يُحدِّث بعضًا في السِّر والخفاء؛ حتى لا يَسمع بهم أحد، انطلَقوا فَرِحين مسرورين مستبشِرين، يُوصي بعضُهم بعضًا ﴿ أَنْ لاَ يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ ﴾! الآن سنجتني ثمرةَ جنتنا ونستحوذ عليها، الآن لن يشارِكَنا فيها أحد. ﴿ وَغَدَوْا ﴾: انطلقوا في الصباح الباكِر ﴿ عَلَى حَرْدٍ ﴾: على جِدٍّ وحرْص وتعمُّدٍ لحِرْمان الفقراء والمساكين. ﴿ فَلَمَّا رَأَوْهَا ﴾: لمَّا سلكوا الطريقَ، طريق جنَّتهم، ووجدوها قد حلَّ بها ما حلّ، ونزل بها ما نزل، ظَنُّوا أنهم أخطَؤوا الطريق، وأنَّ هذه الجنة ليست بجنتهم. ﴿ قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ ﴾: إنا لتائهون، لقد أخطأنا الطريق، ولكنَّهم أعادوا النظر وأعادوا، فإذا بالطريق هو الطريق، وإذا بالجنة هي جنَّتُهم وقد احترقَتْ، وقد حلَّ بها ما حلّ. فاستفاقوا فقالوا: ﴿ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ﴾: فالجنة جنتنا، ولكنَّا حُرِمنا لِعَزمنا على حرمان الفقراء المساكين، فالجزاء مِن جنس العمل. نعم، ﴿ وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ﴾ [فاطر: 43]، ﴿ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا ﴾ [النساء: 123]. فحينئذٍ ﴿ قَالَ أَوْسَطُهُمْ ﴾ تكلَّم العاقل فيهم الذي نصَحَهم في بداية الأمر، ولكنَّهم لم يستجيبوا له، فقال مذكِّرًا: ﴿ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ ﴾: ألم أذكِّرْكم من قَبل بقولي لكم: ﴿ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ ﴾: هلاَّ قُلتم: "إن شاء الله". ألم أقلْ لكم: اتَّقوا عذاب الله، ألم أقلْ: لا تحرموا الفقراء والمساكين من حقِّهم، ألم أقل لكم: تَصدَّقوا على الفقراء كما كان يفعل أبونا؟! وحينئذٍ عرَفوا أنَّ أباهم كان يَحمي أموالهم بالصَّدقات على الفقراء والمساكين، وعرَفوا أنَّ الله بارك لأبيهم في هذه الجنة؛ لإخراجه حقَّ الفقراء، وهم بسبب بُخْلهم ومَنْعهم حقَّ الفقراء والمساكين، عاقَبهم الله - تعالى - بهذه العقوبة. فراح بعضهم يَلوم بعضًا: أنت الذي كنتَ صاحبَ هذه الفِكرة، والآخَر يقول: وأنت الذي وافقتَ عليها، والثالث يقول: وأنتَ الذي شجَّعْتنا عليها. ﴿ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ * قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ * عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ * كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [القلم : 26 - 33]. واللهِ، إنها قصَّة تستحقُّ التأمُّل والتدبُّر، فالله - تعالى - أراد مِن خلال هذه القِصَّة أن يقول: يا أهل قريش، مثلما جرَى العذاب على أصحاب الجنة، سيَجري عليكم، وعلى كلِّ أمَّة من الأمم تتكبَّر وتَمنع حقوق الفقراء والمساكين - سيكون مَصِيرها كمصير أصحاب الجنَّة، هكذا يعاقِب الله - عزَّ وجلَّ - مَن بَخِل واستغنى، وكلَّ مَن أضمر الشرَّ ونوى السوء. أنا أروي لكم هذه القصَّة في هذه الجمُعةِ؛ لأذكِّر الأغنياء بحقوق الفقراء والمساكين، لأذكِّر الأغنياء أنَّنا نعيش في شهر رجب الذي اعْتاد فيه العراقيُّون على إخراج زكاتِهم فيه. هذا الشَّهر يَنتظره الفقراء والمساكين؛ لينالوا منكم حقوقَهم، فهل ستحافظون على أموالكم منَ الضَّياع والتَّلَف بإخْراج الزكاة منها، أما ستتهَرَّبون كما تهرَّب أصحاب الجنة. أنا أقول لكلِّ من يتهرَّب مِن إخْراج الزكاة: هل سمعتَ برجل تَدعو عليه الملائكةُ كلَّ صباح ومساء؟ وبماذا تدعو عليه؟ تدعو عليه بتَلَف ماله، ولماذا؟ لأنَّه لم يُخرِج زكاةَ ماله، ولم يُنفِق منه في سبيل الله. اجعلْ في بالك تلك الساعةَ التي ستفارق فيها الدُّنيا، وستترك أموالك كلَّها، وستتمنَّى ساعتَها لو ترجع إلى الدُّنيا؛ مِن أجْل أن تفعل شيئًا واحدًا، وهو أن تتصدَّق في سبيل الله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المنافقون : 9 - 11]. قصَّة أصحاب الجنة ما هي إلا رسالة من الله - تعالى - يُذكِّر الناس فيها: إنَّ كلَّ مَن ينفق مالَه في سبيل الله، ويعطي حقَّ الفقراء والمساكين، فإنَّ الله سيبارك له في ماله ونفسه وعِياله، كما فعَل مع الرجل الصالح صاحبِ الجنة. وإنَّ كل أمَّة تَمنع الزكاة، وكلَّ غنِيٍّ يَبخل بأمواله عن الفقراء، وكل مَن يتفَنَّن في الهروب مِن إخراج الزكاة، فعقوبتُه الهلاك والدَّمار، وضياعُ المال - كما حصل لأصحاب الجنة. فيا أهلَ الأموال، ويا أهلَ الثِّمار، ويا أهلَ الكنوز، ويا من ملَكْتُم الدنيا، تذَكَّروا أنَّ الله أنعَم عليكم بهذه النِّعم، فإيَّاكم وكُفرانَ هذه النِّعمة، اشكروا الله، وأدُّوا ما فَرض عليكم، وتذكَّروا قوله - تعالى -: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112]. أخطرُ لِباسين هما "الجوع والخوف"؛ لذلك قال - تعالى - لأهل قريش مذكِّرًا لهم بنِعمَتَين عظيمتين: ﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش : 3 - 4]. وختاما إليكم هذه القِصَّة ، ولَيْتنا نَستلهِم منها الدروس والعِبَر، فالسعيد مَنِ اتَّعظ بغيره. يُحكَى أنَّ رجلاً كان يجلس مع زوجته ذاتَ يوم يأكلان الطعام، وإذا بالباب يَطرُق، وإذا بالطَّارق مسكين، وكان أمامَ الرجل دَجاجة، فقالت له زوجتُه: ألا أتصدَّق بها على هذا المسكين؟ فقال لها: بل اذهَبي، واطرديه عن الباب. ومرَّتِ الأيام، وأُصيب الرجل بالفقر، فطلَّق زوجتَه، وبعدما طلَّقها تزوَّجَتْ برجل آخَرَ، وجلسَتْ مع زوجها الثاني يأكلان الطعام، وكان أمامَهما دَجاجة. فطرَق البابَ طارقٌ مسكين، فقال لها الرجل: خُذِي هذه الدجاجة، وتصدَّقي بها على هذا المسكين، فأخذَتْها وأعطَتْها للمسكين، ورجَعَتِ المرأة تبكي إلى زوجها. فقال لها زوجُها: لماذا تبكين؟ أتبكين لأنَّنا تصدَّقنا بدجاجة؟! فقالت له: لا، إنني أبْكي لشيء عجيب؛ أتَدرِي مَنِ السائل؟ إنَّه زوْجي الأول، فقال لها: أتعْلمين مَن أنا؟ أنا السائل الأوَّل!... إنتها هنا قول الشيخ (محمد جمعة الحلبوسي) وهذا قولي: فلا تجنوا علينها ايها البخلاء أيها الحسدة أقبل الشهر الفضيل وفتحت أبواب الخير. فصاح صايحكم وتداعيتم لسد باب هذا الخير العظيم الذي وهبه الله للمحسنين الصدقات يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام (داووا مرضاكم بالصدقة ) بعضكم يقول : اطردوهم من المساجد والبعض الأخر يقول لا تفتح لهم الأبواب وثالثا يقول : لم لا يذهبوا للجمعيات الخيرية! ويا للعجب كأنه لا يعرف الجمعيات الخيرية وتعاملها الفج مع ذوو الحاجة. وكيف أنهم يؤخرونه ثلاثة أشهر إلى أربعة تحت ذريعة دراسة حالته ومن بعد يقدم له مالا يسد الرمق لليلتين. ما ذا يضايقكم من رؤية المساكين والمتاجين أما تعلموا أنكم ترزقون بضعفائكم. أما تعلموا أن كل ما أنتم به أمتحان من الله . فلا تستجعلوا حسابكم في الدنيا قبل أخرتكم لا تجنوا على نفوسكم وعلينا يامن أعماكم بخلكم عن أبواب الخير والعطاء. لا تجيشوا الجهلاء في كتائب شحكم وحسدكم أيها المرضى بالبخل بحجج واهية وكاذبة تقفون صفوفا بغضة في وجه الخير هل ضرب أحد منهم على يد أحدنا حتى يعطيه؟ هل دس أحد منهم يده في جيب أحدنا حتى يسلبه؟ ماهم إلا مساكين فيهم من يفرش غترته أمام باب المسجد ومنهم من يطرق الباب طمعا في أهل الخير ولا يجبروا أحدا على أن يدفع لهم أن تصدقت دعوا لك وأن لم تصدق سكتوا. والله لا آخالهم إلا امتحان يرسله الله لنا في كل يوم ويرى ماذا نصنع في صحائف أيامنا فكفوا عنا وعن خلق الله أيها البخلاء . قاتل الله البخل ومن يتصف به |
28-07-2010, 01:29 | #2 |
متميـّـز
|
رد : ستجنون علينا أيها البخلاء
فقال لها: أتعْلمين مَن أنا؟ أنا السائل الأوَّل! اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك .. وبفضلك عمّن سواك يارب ! فعلاً دروس قيمة عظيمة جداً ، فالمرءُ لا يجني من البخل سوى حسرة وندامة تعذب بها صـاحبها ، لحين يقضي الله أمــره الذي كان .. شكراً أخي الكريم على هذه اللفتة |
28-07-2010, 09:42 | #3 |
عضو فعّال
|
رد : ستجنون علينا أيها البخلاء
يكفينا من قول الرسول قال صلى الله عليه وسلم"ان الصدقة لتطفئ غضب الرب اشكرك اخي الكريم على نصائح كالدرر في خاتمة الموضوع بارك المولى فيك وجزاك ربي خير الجزاء |
عدد المتواجدون في هذا الموضوع » 1 , عدد الأعضاء » 0 , عدد الزوار » 1 | |
|
|
|