16-10-2006, 08:24 | #1 |
أديـب و شــاعــر
|
سُحْنَة!
كانت الكتابةُ بذخاً، وميقاتَ تراتيلٍ، وحفلةَ عشق. كانت خميساً يسوقُ لهُ الأوراقَ، الكتبَ الجديدةَ، الأغنياتَ الأندى، السيمفونيات الأنفس، الكأسَ الأنقى، الدواةَ، المِدادَ، الذاكرةَ، الحلمَ، وغيمةَ الكلمات. كانت القراءةُ سحراً ودهشة. في كلّ صفحةٍ ولهٌ وخفقات. وكانَ الشعرُ يعتري الرأسَ مثلَ ضحكةِ طفل، ثمّ مثل رائحةِ أنثى، ثمّ مثل ثمَل، ثمّ يمضي في الدواخلِ كنهرِ مورفينٍ يشعلُ الوريدَ ويسلم الجسدَ لمشيئةَ الآخر؛ يشطرُ، يعبثُ، يرتقُ.. حتى إفاقة! كانت الكتابةُ عشقاً باذخاً لهُ طقسهُ ومواعيدهُ وبهجاته وهباته وسباياه. ولهُ أسرارهُ وأسوارهُ المُحكمة. وكانَ "هذا الشقيّ" ينكرُ كلّ ما يتصل بالخميس، يجحده، يطمس تفاصيله: سطوة الدخان، ناي الرابعةِ فجراً، رعدةُ صوتِ التاسعة، توزّع خطوات الخروج، واسم الجامع البعيد! ... هكذا كان. هكذا شاء، وهكذا تهيأ الأمرُ، حينذاك. ... أربعاءٌ مشوبٌ طعنَ الخميسَ في خاصرته. نزّ الخميسُ دمَهُ ألفَ يومٍ قبالةَ أحداقِ الأقربينَ، الأبعدينَ، العابرينَ، الشامتينَ.. الـ.. .. ،، توجّسَ "الشقيُّ" خيفةً، وأفاقَ إلى أنكى من خذلان. أوجَعَهُ وخزُ ضماداتهم، بلهُ مواساتهم. وراحَ في شقاءِ نفورٍ ونأي! ... كتبَ. وكتبَ، وأرسلَ في الكتابةِ تعبهُ، لاءاتهُ، ونجيعَه. ثمّ أقامَ في سمواتِ العبارة. الآن؛ يعرفُ الـ "رفاقُ" سحنتهُ ونارهُ وصقيعهُ ومواعيدهُ وإيقاع زفراته! ..هو.. ما عاد يعرفُ أية سحنةٍ يرتدي الخميس! ... (ع...16 أكتوبر. 6 ص.) |
16-10-2006, 12:02 | #2 |
شاعـرة
|
رد : سُحْنَة!
أستاذ عبدالرحمن السعد مبدع كعادتك ... قرأت لأول مرة اعترتني دهشة ثم غادرت وعدت مرات ومرات وفي كل مرة يلبسني ذهول ووجع لكن هنا .. هنا بالذات توقفت كثيرا وتألمت وما زلت يا عبدالرحمن... أربعاءٌ مشوبٌ طعنَ الخميسَ في خاصرته. نزّ الخميسُ دمَهُ ألفَ يومٍ قبالةَ أحداقِ الأقربينَ، الأبعدينَ، العابرينَ، الشامتينَ.. الـ.. .. شكرا للألم الذي أهديت ... لك الود يبقى |
17-10-2006, 00:39 | #3 |
النجدية
|
رد : سُحْنَة!
كما أنت .. نتنفس عبق الحضور من محبرة شاعر .. عائد .. بدفء .. يغمرنا بأجنحة من حب .. ويغرقنا شجن .. لن تجف تلك الموارد .. ولو .. بعد أربعاءٌ مشوبٌ طعنَ الخميسَ في خاصرته .. نحتاج دوماً .. لـ ترميم الذاكرة .. لـ نظل نكتب .. وهنا .. أبواب القلب مشرّعة .. للبوح / للحلم / النبض .. شكراً لدفء حرفك .. وكل عام والخير بك .. |
17-10-2006, 15:22 | #4 | |
كاتبة
|
رد : سُحْنَة!
إقتباس:
لك حرف ُ ُ غير ياعبدالرحمن ماشاء الله |
|
17-10-2006, 22:31 | #5 |
|
رد : سُحْنَة!
وسـ تبقى الكتابة وطن بـ طقوسها ومواعيدها وبهجاتها وهباتها .. و أسرارهُا وأسوارهُا المُحكمة التي نحاول أقتحامها لـ نحتويها بيننا .. من حقنا أن نحلم .. حتما سـ ينتهي بنا الأمر إلى الزمن الذي نود أن نعيش .. |
20-10-2006, 20:45 | #6 |
المشرف العام
|
رد : سُحْنَة!
دائماً مختلف ياعبدالرحمن واختلافك هو تميزك قلم وفكر لايتكرر تقبل صادق احترامي ومتابعتي لك وكل سنه وانت طيب |
20-10-2006, 21:59 | #7 |
موقوف
|
رد : سُحْنَة!
. . كانت الكتابةُ عشقاً باذخاً ...! كـانت هنـا أجمل بكـثير .. لي عـودة .. ( بلا تجاهـل ) .. |
23-10-2006, 08:04 | #8 | |
أديـب و شــاعــر
|
لكِ الفضل كله
إقتباس:
.. العفو سيّدتي، "خيرُكِ سابقٌ" يا شاعرة "أتذكرك"! .. أرى أنّ القراءة (عموماً، والأدبية بالتحديد) قد تغدو أهم من مجرّد "خيار" من بين خيارات، وأثمن من محاولةٍ عابثةٍ لرشوةِ الفراغِ بساعةٍ أو ساعتين! هي عند البعض عشقٌ واحتياجٌ لا يعرفُ الكفاف. ورافدٌ رئيسٌ لأسلوب حياةٍ وطريقة تفكير. وهي، هنا، وبعونِ الوقتِ والالتزام وتنامي العشق، تكون في ذروة حقيقتها وصدقها وعمقها. (لا أدّعي أن "سحنتي" هذه تستطيعُ حشر ذاتها في صفٍّ أدبيّ من سطرين!) غير أن هذه القراءة الواعية لنصٍّ أدبي لا "تنجح" دائماً في الحصولِ على المتعةِ فقط! بل تعتريها بعض الآثار الجانبية، أو كما يقول الحكماء، الــ Side effects "بتشديد السين الأولى وسكون الثانية.. إن كان يوجد ثمّة سين!" هذه الآثار، ناجمةٌ –ولا ريب- من ذاك الصدقِ/ العمقِ في تناول النص المقروء. فهي لا تكتفي بالإحاطةِ بفكرة النصّ ومغزاه البيّن. بل تمضي إلى "طقسِ النصّ" (ربما بلا كثير تعمّدٍ وجهد) فتبصر فضاء الكاتب، شيئاً فشيئاً، حتى "تراه"! هنا حفلةُ النصّ/ الكاتب، وبهجةُ القاريء المفترضة! واحتمالاتٌ شتّى! فرحٌ، أسى.... أو غير ذلك. لكنما هنالك ثمّة وصول، ولقاء. وهنا يمكن لأحدهم أن يشرع بصياغةِ تعريفٍ لائقٍ لكيمياء الكتابةِ/القراءة! .. لأجلِ ذلك كله، تعتري الموقّع أعلاه آثارٌ جانبيةٌ إيجابية، تتمثّلُ بمعدلات متفوقة من مطر الأدرينالين، وبقدرٍ نسبيٍّ من الرضا، إذْ يقرأ، يعي مداخلتكِ هذه. .. كلّ عامٍ وأنتِ بخيرٍ منتهى. |
|
26-10-2006, 07:35 | #9 | |
أديـب و شــاعــر
|
ذاكرة
إقتباس:
وبسيلِ حرفكِ المنبت الفأل الباعث الألفة الموقظ وسنَ العبارة؛ .. الموارد: هي مواردُ لم تجفّ "بعد" لكنها غير ما كانت عليهِ سيدتي المضيئة أستأذنُ وعيكِ؛ هي طعنةٌ تعي وجهتها. تعي نصلها والذي يحتويه! و.. نعم (نحتاج دوماً .. لـ ترميم الذاكرة .. ) لكن؛ ماذا سنفعلُ قبالة ذاكرةٍ أولى، ذاكرةٍ أصل! هي ذاكرةُ العمرِ، أرضهُ، وسقفه. هي ذاكرةُ النبضِ، أوّلهُ، آخره. "بلاها".. بلا ومضها، نمضي سدىً ويغدو حظّنا في هذه الدنيا قليلاً. والمساراتُ هراء. ومنها، عبرها، تتهيأ الخطواتُ والأسماءُ والأشياءُ والأحلامُ -حتّى-. .. المسألةُ كلها، سيدتي المبدعة، أن يبثّ أحدهم روحهُ في العراء ولا يكادُ أحدٌ يتبيّن من روحهِ شيئا. .. ولا لومَ إلا عليه. .. امتنانٌ لخوضكِ النابهَ في هذا المسارِ الماثل إلى رمادٍ ومعابر مغبرة. وبصدق، ما كانَ لي أن أضيف مثلَ هذا التداعي المؤرّق لولا جودكِ على أخيكِ بهذه العبارة: (وهنا .. أبواب القلب مشرّعة .. للبوح / للحلم / النبض ..) فاعذري فرط مجيئي. .. أرتالُ تحايا .. |
|
29-10-2006, 06:06 | #10 |
|
رد : سُحْنَة!
. . |
02-11-2006, 21:21 | #11 | |
أديـب و شــاعــر
|
حقيقة!
إقتباس:
دمعٌ مختلف! .. أحتفي بكِ، سيدتي دمع السحابةِ هنا، كما لم أفعل منذُ مواقيت وهج. فبالإضافةِ إلى أن لكِ دائماً (حرف ُ ُ) مختلف وغير ما أعرف! فإنكِ هنا، بصدق، تضيئين المكان؛ وتشعلين مواقد الحوار. وقوفكِ عند هذه القصاصة، بالذات، وتعليقكِ القصير، كانا مثيرانِ للدهشة! وكانا كافيانِ لطرحِ الأسئلة، وانتظار الإجابة. هنا، سيدتي "دمع السحابة" ندرك وجود قراء بارعين، يجيدون التعامل مع تفاصيلِ النصّ، وطرحَ السؤالِ المناسب، وبهدوء، وبلا علامة استفهام! وكانَ الشعرُ يعتري الرأسَ مثلَ ضحكةِ طفل، ثمّ مثل رائحةِ أنثى، ثمّ مثل ثمَل، ثمّ يمضي في الدواخلِ كنهرِ مورفينٍ يشعلُ الوريدَ ويسلم الجسدَ لمشيئةَ الآخر؛ يشطرُ، يعبثُ، يرتقُ.. حتى إفاقة! نعم، للشعرِ نشوةٌ خارقة. وصفها عملٌ منهك، يحتاج إلى قدرٍ عظيمٍ من الخيال والعمق، والقدرةِ على الخلق، ورسم عبارة متفردة لصورةٍ متفردة. صور التشبيه أعلاه، ليست عدا رؤى شخصية، محاولات للقول، أو لبثّ جنون لحظةٍ موغلةٍ في الصحو! قد تشبه نشوة الشعر ضحكة طفل، أو رائحة أنثى، أو ثمَل، وقد لا تكون كذلك. لكن احتشاد مثل هذه التشبيهات والصور المتماثلة يوصلُ إلى المعنى المطلوب إلى حدّ ما، قد يكون مُرضياً. لكن كان هناك ثمة إصرار على إضافةِ ما هو أكثر اختلافاً مما سبق، فجاء التشبيه الأخير، الذي أعتقد أنه استوقفكِ، وربما، استوقف غيرك، لكنكِ أنتِ وحدكِ من أضاء عتمة الصمت. هو تشبيه لا بدّ من الوقوفِ عنده، إلا لمن يعرفُ حكايته. ليس عادياً أن نقرأ تشبيهاً للشعرِ أو لغيره بنشوة مورفين! لا بدّ من شك، وأسئلة، وحوار. (قد يكون مدمناً!) سؤالٌ مشروع! (ربما جرّبه في الماضي، وشفي منه!) لم لا! (لا.. كان في المستشفى، إثر حادث مرور، تحطمت أضلاعه وساعده الأيمن. وثقبت رئته. شقّوا صدره، جففوا نجيعه، رتقوا أوردته، ورمّموا كسوره. وبقي مسمراً في سريرهم لأكثر من شهر. طحنه الألمُ ألف مرّةٍ في اليوم والليلة. وكانت حقنة المورفين ملاذاً فاعلاً، وحيداً، جديراً بالتوسلات.) هنا الحقيقة. .. شكراً لحضوركِ الحاذق سيدي .. تقديري كله |
|
04-11-2006, 10:29 | #12 |
شــاعر
|
رد : سُحْنَة!
وأرسلَ في الكتابةِ تعبهُ، لاءاتهُ، ونجيعَه. ثمّ أقامَ في سمواتِ العبارة. الآن؛ يعرفُ الـ "رفاقُ" سحنتهُ ونارهُ وصقيعهُ ومواعيدهُ وإيقاع زفراته! ..هو.. ما عاد يعرفُ أية سحنةٍ يرتدي الخميس! كم جميل ان نجد هذا الاحساس ... الكتابه وان نرفل بين خمائله ونقطف منه ما نشاء لله درك تحياتي سالم اخر تعديل كان بواسطة » سالم بن جلعان في يوم » 04-11-2006 عند الساعة » 14:24. |
عدد المتواجدون في هذا الموضوع » 1 , عدد الأعضاء » 0 , عدد الزوار » 1 | |
|
|
|