20-08-2005, 13:04 | #1 |
كــاتـب
|
المصعد.. قصة قصيرة
. . ابتسم مقبلا على طاولة الطعام، كانت كل الأشياء حوله بيضاء: الثلاجة، الفرن، الميكروويف، غسالتي الصحون والثياب، نشافة الملابس، وحتى قطعة الرخام الرئيسية حول مجلى المياه، هو ذوقهما المشترك في (أشياء) المطبخ، لاحظ بقايا الـ(كورن فلكس) والحليب على الطاولة، ومع ابتسامة يحبها كثيرا وضعت أمامه كأسا من عصير البرتغال، نصف رغيف خبز ساخن، مثلث جبن، قليل من العسل..ثم جلست على الكرسي المقابل بعد أن أعادت جملتها الصباحية: القهوة ستكون جاهزة بعد قليل. تأملت وجه (أبونا) كما تسميه حين تتحدث عنه مع الأخريات، كان أبونا يأكل بسرعة كعادته فيما كانت هي تحدثه عن صخب الأطفال وطرائفهم قبل ذهابهم إلى المدرسة، يبتسم، يضحك، يعلق، يتأمل. – بس تعرف، البارح حلمت فيك حلم غريب. – خير..حلمتي أني حصّلت كنز؟!! - لا، شي ثاني. – أيش يعني؟!! - لا..تعرفني أنا شاطره في تفسير الأحلام، حلمت الحلم وفسرته بعد. – يا سلام، شوقتيني ، قولي الحلم بسرعة، أحب أسمعك يا شاطره. – حلمت أنك راكب مصعد..والمصعد يطلع، ويطلع، ويطلع، وما يوقف..وفي هذه اللحظة كانت كلتا يديها بأصابعها التي تومئ بحركات الارتفاع تدريجيا قد تجاوزتا مستوى رأسها ورأسه. – وبعدين؟!! - ولا شيء، قمت، خلص الحلم. – يا سلام..طيب..أيش فسرتيه؟!! لمعت عيناها وهي تقول بفرح ظاهر: فسرته انك ترتفع وترتفع في دنيا الناس، ويصير لك مقام كبير، وكلهم يحبونك ويحترمونك، ابتسم لها، أسعدته طريقتها في التعبير: ...والمصعد يطلع، يطلع، يطلع ولا يوقف..وأنت ترتفع، ترتفع، وترتفع في دنيا الناس. ضحك ثم نهض عن كرسيه وفعل شيئا لم يفعله منذ زمن، قبلها..ثم انصرف ليرتدي ملابسه. بعد دقائق كانت معه، تنتظر أن يطلب منها أن تقفل أزارير ياقته، تخفي ابتسامتها وهي تراه يتأملها صامتا وأصابعها تداعب رقبته وقد وضع كفيه مستسلما على كتفيها، (تسكير) الياقة هو عملها الصباحي الأخير بحضرته.. - باااااي.. انتبهي على نفسك. حين غادر البيت، دارت هي على غُرفِه، رتبت ملاءات الأسِرّة، غسلت صحون المطبخ، قامت ببعض التنظيفات هنا وهناك، أخيرا ذهبت إلى غرفة النوم، استلقت وهي تفكر في عالمها الصغير: أبونا وابنه وبناته ، ابتسمت قبل أن تدخل في نوم متقطع انتظارا لابنتها الصغيرة أولى القادمات من المدرسة. وهناك غير بعيد عنها بدا مرحا على غير عادته في الصباح الباكر، لم يفارقه وجهها وهي تقول له: والمصعد يطلع، ويطلع، ويطلع.. فسرته انك ترتفع وترتفع في دنيا الناس، ويصير لك مقام كبير، وكلهم يحبونك ويحترمونك.....لم يكن ينتظر أي ترقيه في عمله، وما كان يتوقع أي زيادة في دخله، وما تعود أن يبني آماله على عطاء من أحد دون أن يعمل لهذا العطاء ويخطط له، وفوق هذا كله لم يكن من أولئك الذين تسوق الأحلام حياتهم متفائلين بها أو متشائمين.. لكنه كان سعيدا بحلم زوجته، وحين تذكر مرة أخرى ارتفاع يديها وحركات أصابعها التي: تطلع وتطلع.. أحس أنه يطلع فعلا.. وابتسم. - البنات جو من المدرسة؟ - نعم، وناصر بعد.. كلهم بخير..الحمد لله. – و أنتِ بخير؟!! - الحمد لله، وأنت؟!! - ممتاز..ثم تابع ضاحكا: من الصباح وأنا اطلع واطلع..والمصعد مش راضي يوقف. ضحكت قبل أن ترد عليه: تضحك على أحلامي؟ اعتقدت أنك نسيتها..بس تشوف إذا ما رقوك في الأيام الجاية.. – إن شاء الله، إن شاء الله..بااااي.. اقفل الهاتف وواصل يومه بين أوراقه وأنشغل بدنيا المراجعين والمعاملات الرسمية والأصدقاء والزملاء. في طريقه إلى منزله مساءً عاد له وجهها الباسم وحركات يديها: والمصعد ..يطلع، ويطلع، ويطلع.. فسرته انك ترتفع وترتفع..دخل المصعد..أحس أن المصعد يطلع ويطلع ويطلع ولا يتوقف.. رافقه شعور غامر بالسعادة والامتنان ..يبدو أن أحلامها تتحقق.. . . - أي دور يا أستاذ؟!! بعد دقائق سأله أحد الداخلين إلى المصعد. . . |
20-08-2005, 16:19 | #2 |
شـــاعرة
|
رد : المصعد.. قصة قصيرة
قصه جميلة وقريبه جداً إلى واقع الحال حيث الأحلام مصدر تعلق بالأمل كثيراً و هذا السيناريو فيه من العفوية والبساطه التي تجعلنا نصدق هذا النص لأنه يكاد يحصل يومياً في حياة كل بيت أنا أهتم بالأحلام كثيراً وأفسرها خيراً في كل مرّة عبدالواحد اليحيائي نحن رافقنا أيضاً شعور غامر بالسعادة والامتنان بتواجدك مجدداً ومشاركتك الجميلة خالص الود |
21-08-2005, 03:24 | #3 |
شــاعــرة
|
رد : المصعد.. قصة قصيرة
وصعدنا .. وصعدنا .. وصعدنا .. مع تتابع الاحداث الاخ .. عبدالواحد اليحيائي .. اتابع قلمك بشغف .. فكم هو جميل ان ترى الواقع في سطور !! وانت تتقن فن تحويل الاحداث اليوميه الى كلمات وصور تعبيريه .. الجميل هنا .. تلك البساطه التي تكتب بها الاحداث حتى نكاد نتذكر بعض المواقف التي مرت في حياتنا وكأنها طبق الاصل مما كتبت .. والاجمل .. هو انك تعالج او تسلط الضوء على بعض القضايا والامور الاجتماعيه في سياق الكتابه وبانسيابيه تامه .. كما هو في الجمله التي لفتت انتباهي كثيراً ضحك ثم نهض عن كرسيه وفعل شيئا لم يفعله منذ زمن، قبلها..ثم انصرف ليرتدي ملابسه. فعل شيئاً لم يفعله منذ زمن .. !! ففي سياق الجمله وبمنتهى البساطه سلطت الضوء على غياب بعض اللمسات الشاعريه بين بعض الازواج واختفاءها من حياتهم بسبب ضغوطات الحياه .. اعجابي .. دمت بخير |
21-08-2005, 09:48 | #4 |
النجدية
|
رد : المصعد.. قصة قصيرة
قدم القاص هنا لقصته أضافة للجمل الحواريه في حوار شخوصه عبارة ترتبط ضمنياً بفحوى القصه ومحتواها .. أو بالفكرة التي يريد الكاتب أن تصل إلى القارىء من خلالها .. وما تعود أن يبني آماله على عطاء من أحد دون أن يعمل لهذا العطاء ويخطط له، وفوق هذا كله لم يكن من أولئك الذين تسوق الأحلام حياتهم متفائلين بها أو متشائمين.. لكنه كان سعيدا بحلم زوجته، وحين تذكر مرة أخرى ارتفاع يديها وحركات أصابعها التي: تطلع وتطلع.. أحس أنه يطلع فعلا.. بالفعل .. نحن هكذا عندما نواجه مشاعر القلق .. نجد في الأحلام وسيله لما تحتاجه تطلعاتنا وطموحاتنا .. عبدالواحد اليحيائي .. شكراً للأمتاع .. وننتظر المزيد .. تقديري لك . |
21-08-2005, 11:04 | #5 |
|
رد : المصعد.. قصة قصيرة
رغم انتحار الاماني 00 والاحلام نبقى نؤمن بالله بأن القادم اجمل 00 قدتتحقق او تصبح مجرد احلام سرعان مانصحو على صوت الحقيقة احلام 000 عالم كامل من الدهشة وألإنبهار ونبقى على 00 اعتاب الانتظار لعل يتحقق جزء من هذه الاحلام 00!! تضيء عتمة الصمت بحديثك هنا 00 ورأيت بين ثنايا صمتك...خيوط ضوء.. فضية...حالمة تقبل تقديري واحترامي _ اختك دانه |
23-08-2005, 11:23 | #6 |
كــاتـب
|
رد : المصعد.. قصة قصيرة
. . الأخت نوره.. أحيانا اتساءل هل أحلامنا أوهام ؟!! إن كانت كذلك فمن ذا الذي يضمن لنا أن واقعنا واقع؟ تحياتي لك ولحضورك البهي.. . . |
23-08-2005, 11:29 | #7 |
كــاتـب
|
رد : المصعد.. قصة قصيرة
. . الأخ وتر.. أشكر لك ثقتك.. وأخشى أن الشاعرية مفقودة (أو لنقل شبه مغيبة) ليس في علاقة الأزواج المحبين (فضلا عن غير المحبين) بل هي مغيبة في علاقتنا بالآخر عموما: صديقا، قريبا، زميلا في تصاريف الحياة.. الخ. هل هي تقلبات الزمان والمكان ومتاعب الإنسان فينا ؟!! وهل تمنع هذه التقلبات الإنسان من ممارسة شيئ من انسانيته.. لا أعتقد، لكنها الانانية والإثرة الفردية حين يطلب الإنسان دون أن يعطي. تقبل احترامي.. . . |
06-09-2005, 11:54 | #8 |
كــاتـب
|
رد : المصعد.. قصة قصيرة
. . بالفعل .. نحن هكذا عندما نواجه مشاعر القلق .. نجد في الأحلام وسيله لما تحتاجه تطلعاتنا وطموحاتنا .. الاخت نجدية.. ويصدقك ابن ميادة إذ يقول:
مُنىً إِن تَكُن حَقّاً تَكُن أَحسَنَ المُنى=وَإِلا فَقَد عِشنا بِها زَمَناً رَغدا
ويغني عبدالوهاب عن مرسي جميل عزيز: " لولا الحب ما كان في الدنيا ولا إنسان.." وأشعر أحيانا أنه لو قال "لولا الحلم" لما اختلفت معادلته. لك احترامي. . |
عدد المتواجدون في هذا الموضوع » 1 , عدد الأعضاء » 0 , عدد الزوار » 1 | |
|
|
|