04-10-2008, 17:56 | #1 |
مترجمة لغة المطر
|
.. قبيلة شعر : خالد العتيبي والتاريخ يعيد نفسه ..
تنتشر الشائعات بين العموم الذين لا يبحثون إلا عن عناوين مثيرة و مانشتات جاهزة لإطلاقها وملء الفراغات بها ، لا يبحثون عن الحقيقة ولا يأبهون بما وراءها . لكن شرارة ما يقدحها موقف مبهم / مظلم ليشتعل معها الفتيل مضيئا الركن المهمل فيدفع بالعامة عنوة ً : حريق .. حريق ! وتتسابق الطوابير القادمة تجاه الضوء / الحريق محاولة قتل فضولها بطقوسه ! و وسط المدينة ، إذ لم يبق من ملامح الكون الفطري شيء يذكّر به يتباحث المسؤولون في مستقبل الزحام والبطالة و ينشغل العامة في تبادل الشائعات ، ويجلس الجميع خلف شاشات الفضاء والإنترنت التي هُتكت لاستقبالها ستائر الأوزون ، و يبدو حقا أن لا وقت ، ويبدو أيضا أن لا أحد يحفل ولا أحد يفكر في ترك المدينة الصاخبة ومشاكلها لبحث الشائعات في الصحارى القاحلة ركن مهمل ، في العمق الأعلى للعالم الفطري ، فوق القمم الشاهقة والزرقاوات النقية . من يحفل بمن يسكن هناك ؟ من يسأل عن مشاعره ؟ من يتوقع أنه يستمع لصدى الشائعات ؟ من ينتصر لجبروته المحبط ؟ من يهتم بإقناعه أن هناك من يعرف الحقيقة ويؤمن بها ؟ من يقرر مصادقته عن بعد ؟ من يملك أن يمد يده للصحراء متجاوزا المدينة و شبكات الطرق والفضاء ليضعها على كتفيه كأخ محب و صديق حميم ؟ فيقدح الشرار و يسعـّر الحريق في كبد الشائعات ليتركها رمادا هشا تذروه رياح الشموخ ، و يعيد للحق نصابه و للتفوق جبروته ؟ ~*¤ô§ô¤*~خالد العتيبي و التاريخ يعيد نفسه !~*¤ô§ô¤*~ على نحو كبير تذكرني قصيدة ( ياعقاب ) لخالد العتيبي بانتصار الحطيئة التاريخي لبني أنف الناقة الذين كانوا يخجلون من اسم قبيلتهم الذي جعلهم محل سخرية بين الأقوام إلى أن أحرق الشعر الشائعة وجعل الاسم المخجل مصدرا للفخر والتفوق وإذا بمن يفكر بالسخرية منهم كأنما يرمي بنفسه في بحر من الرمال المتحركة اللزجة :
قوم هم الأنف و الأذناب غيرهم = ومن يسوي بأنف الناقة الذنبا
لله در الشعر ! و إذا كان بغيض بن عامر بن شماس كبير بني أنف الناقة قاده بعد نظره للجوء لدهاء الشعر وقلب العار فخرا ، فمن الذي أوفد كبير العقبان لصخب المدن وزحامها ليلجأ للشعر طالبا النصرة . ليهب خالد العتيبي : أنا لها ! فيرحل متجاوزا الأوزون و جداول الطرق و الاتصالات والشائعات للصحراء محلقا مع العقبان بين الغمام فيحط معها في قممها الشاهقة و يغير معها و يصف معاركها كشاعر حرب مترافعاً باسم جيوشها ؟ وليقلب بسحر الشعر هرم الشائعة ويعدل كفتي موازين الفطرة ؟ ويجعل قبائل الصقور التي عاشت زمنا في سكر الفخر و زحمة الألقاب تطأطئ خجلا و قبائل العقبان ترفع رؤوسها وتخفق بأجنحتها العملاقة في أقاصي الفضاء فخرا وزهوا ساخرة من الشائعات و مروجيها ، فمن يستطيع اللحاق بها بعد هذا النص / الفجر ؟! ~*¤ô§ô¤*~القصيدة / المرافعــة !~*¤ô§ô¤*~
ياعقاب مدري مدح والبستك وشاح = ولا الرموز يحلها من طرقها
مدري .. ولا ّ معادلة الحيرة !! نُقْدم أحياناً على بعض الأمور دون أن نعيَ ماالذي يدفعنا إليها ؟! لكن لا يمنع ونحن إزاء عبقريـة الشــعر أن نتـهم ( مدري ) بما تشـاؤه ذوائقنا فإسـاءة الظن هنا أمر مسـتحب لبحث حقائق الشعر و فحص شـائعات الوهم ! هل حقاً الشـعر لا يدري ؟ هل هو وشاح المدح لشخص عقاب ؟ أم ( يسـهر الخلق جراها ) ؟ كل طرق الظن تؤدي لتهمة العبقريـة مع سـبق الترصد بالفطـرة ! لأن ( مدري ) تؤرق الفضول وتقلق مضجع الفكر وتجعلهما في تحرق ٍ لاكتشاف الواقع وهيهات ! فيتساءل (( لمــاذا )) لماذا اجتمع الشـعر ؟ ولماذا رمى حجر الحيرة في بحيرة التخمين لتستحيل دوائر لا متناهية ؟ ولماذا في نسخة القصيدة الصوتية يظهر صوت آخر - صدى إنشادي فوق العادة - حيث اعتادت الأسماع على أن الصدى يأتي لاحقا للصوت لا سابقا له ، فلماذا سبق الصدى الصوتَ هذه المرة ؟ ولماذا خبا صوت الصدى وتوارى خلف الصوت بمجرد ظهوره ؟ ولماذا بدا الصوت منفعلا منذ أول وهلة ؟ مدخل مهيّج لأرق الذائقة لتبقى طوال النص تبحث عن المسـكنات ! ~*¤ô§ô¤*~فُتحت الجلسة :~*¤ô§ô¤*~ سيّد الزرقا ، تعلي ، مرواح ، قبة الكون ، الذعاذيع ، السحايب ... هل هذا هو الجواب الحقيقي لـ ( لماذا ) التي كثر تخرصها ؟ أم هي استمرار لمناورة الذائقة و هو أمر دأبت عليه حبكة شـاعرنا في أكثر من عمل ! هل عقاب ليس رجلا اسمه عقاب ؟ و هل هو طائر العقاب فعلا ؟ وسط سيل الوصف العرم و الإلقاء الملحمي الذي يشبه مقارعة سيوف الفرسان و قتال الوحوش للفرائس لا نملك إلا أن نسلّم بأنه طائر العقاب فعلا ( والرموز يحتار بها من يطرقها أبد الدهر ) تجتمع لدى عبقرية الشعر ( المحامي ) في مرافعتـه عن موكله / موضوع النص أقوى العناصر لكسب القضية ، وتتفاوت في هذا الحبك مستويات الشعر والشعراء بحسب مستويات العبقرية الفنيـة المحكمة للنظم ، التي تمسك بتلابيب الذائقة و تعلق معها وجدان متلقيها حتى النهايـة ! وعليه فإن الشائعة التي ربما أحبط صداها ( العقابَ ) يقتضي درؤها عدم الاعتراف بها أصلا وتقتضي العاطفـة تجاه العملاق الحقيقي أن تضفى عليه أوشحة المدائح المطلقة و أن تثبت بكل الوسائل و لو عاد الشعر من مدارات الخيال إلى كتب الأحياء العلمية للإحالة للدليل المادي الذي لا يرد أبدا ! فالموقف الملحمي الذي نحن بإزائه من العبقرية ألا يحفل بـ ( أعذب الشعر أكذبه ) بل بـ ( أقوى ما في الشعر : منطقه ) ولذا حين قال : ( يا سيد الزرقا ) حدد الحيثيات العلميـة القاهرة للشائعة ومروجيها ( تعلي ومرواح ) فالعقاب حقا أكثر الطيور قدرة على الارتفاع وطالما العلم يثبت هذا فيحق للشاعر وموكله أن يبتعدا عن المنطق فترة من الشعر لـ ( يفلجا السحايب ) ويتفوقا عليها ! ولم لا ؟ فإن السيّد المطلق يحق له الارتياح والاسترخاء في بحر السماء وحيدا مثلك ليا ستّل جناحه مع الضاح .. وارخى سمار الريش في معتلقها استسلمت كل الجوارح لمن شاح عنها وجدد من علوه رهقها تستسلم كل الجوارح : تسلم جميع الفصائل والقبائل بالواقع الفطري الذي تعيه حق الوعي وتدركه غاية الإدراك وقد مرت و أجدادها بتاريخ طويل يثبت لها أنها لا تملك إلا خيار الاستسلام أو دفع الجزية لتركها في حالها ، وتستسلم لمن ؟ لمن ( شــاح عنها ) تفوقا عليها مجددا رهقها بـ ( علوه الشاهق ) الذي لا يمكنها الوصول إليه و إن تسلقت بأوهامها سلالم الأماني ! ~*¤ô§ô¤*~ : ملحمة الانقضاض :~*¤ô§ô¤*~ وانقضاض شاعر الدفاع ( بالهجوم ) في مرافعته الملحميـة يحاكي إلى حد بعيد انقضاض ( موكله ) على فرائسه ، حيث تتوالى الصور الحادة و يتردد صوت الشاعر بأنفة وشموخ ونشوة تعصف بالخيال في دوامة من الصور والتشبيهات المتتالية بسرعة خاطفة و إيقاع هجومي فريد يتوافق بندرة وفرادة مع معركة دامية محسومة .
سيفٍ ليـا جـرّد علـى الصيـد ذبّـاح=وموسٍ ليـا نـاش الضوافـي حلقهـا اهـواي نجـم وكفختـك بــارقٍ لاح=وتكبيـرة الميـت علـى اللـي لحقهـا وما بيـن مخلابـك وفـلاج الاصبـاح=بيـض الثنـادي قبـل يرهـج علقـهـا زوعتك سيل وطعنتـك عَيْلـم رمـاح=مـن مخلـبٍ واليـا صفقهـا صفقهـا لا ملت شلت ولا تواسيـت وان طـاح=ظلّـك علـى كبـد الطريـده فلقـهـا والا ليا نشـت الخريشـه مـن الـراح=مـا كـن ربـك بعـد تدمـي خلقهـا واليا شلعـت وجالـك صْيـاح وطْيـاح=كنّـك وكـنّ اللـي ذبحـهـا وفقـهـا و يحلو لروح المتنبي في سيفياته احتلال شرايين شاعرية خالد العتيبي فتتجلى بحدتها وتعجز بعفويتها وتبدو صارخة في الصور المعجزة و الجو الملحمي الذي يخطف قارئه ويتفرد به في ركن ٍ قصي في عزلة مع الخيال و غيبوبة في الذهول : سيف ذبـّاح بمجرد أن يسل ّ من غمده موس بمجرد أن يمس براعم الضوافي يحلقها ونقل حي ومباشر لمطلع الصبح في صدر الفريسة الذي يضطرب تحت مخالب الفارس المغوار الذي يغير كالسيل العرم و الطوفان الهادر و إذا ما طعن بمخالبه فإن عوالما من الرماح تفجر جسد الفريسة . يميل لـ ( يشيل ) و إذا ( تواسى ) وسقط ( ظله ) على كبد الفريسة فلقها رعبا والرعب : جيش القتل عن بعد ، والبعد ( زماني ومكاني ) قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( اعطيت خمسا لم يعطهن أحدا من الأنبياء قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر .. الحديث لا طاح ( ظلك ) على كبد الفريسة ( فلقها ) ! تشبيه فائق يتخطى أقصى حدود البلاغة . هذا ما يرتكبه الظل ، فماذا يحدث لو ( ناشت ) أطراف العقاب فريسته ( المخترشة ) رعباً ( ما كن ربك - بعد تدمي - خلقها ) يستمر الخطاب للبطل الفذ والفارس الاستثنائي بإيمان بالحقيقة وإصرار على تذكيره بها وإذا ما ارتفعت و بدأت الجوارح تصيح جميعا ، لا تدري أيها ضحية لغارة الحسم فتموت ألف مرة بموافقة نصيبها المرعب ! وانتقال لجمع ما يميز العقاب من مزايا قدرتها الفطرة له و انتقتها الشاعرية بحرفنـة فريدة ، فهو :
وصف الاصيل اللـي ليـا لـز طفـاح=هــذي توطـاهـا والاخرى فهقـهـا كالخيل الأصيل في مضماره ، ينطلق غير آبه ٍ بشيء / بأحد . و سيء الحظ الذي يأتي في طريقه ، فهو ( يفهق ) المنافس الموازي و ( يتوطا ) من يجرؤ على البقاء في نفس المسار . و :
عن بعد ( حر ) ولا تقاربـت (سـراح)=وان جيت (عبد) اضنى (الحرار) وعتقها من بعيد كأنك ( الحر ) خيرة الصقور وإذا ما اقتربت كنت كالذئب و إن ( جيت ) واستدراك ذكي لاقط يستثمر لون العقاب الأسمر و يعالج الوصف قبل أن يعيبه أحد ( لئلا تتكرر مشاعر بني أنف الناقة ) فأنت كالعبد ( لونا ) الذي أضنى الحرار ( الصقور الحرة ) و أرهقها بالعلو والتقاط الفرائس والتفوق المطلق ثم ..... عتقها !! والحق أن شاعرية بهذا الزخم الملحمي ( تضني ) الذائقة بمتابعتها قبل أن ( تعتقها ) لازدحام الثراء الضارب في العمق و الفضاء في وقت واحد . و لنبق قليلا حيث يفرض علينا الشعر لحسم الأمر والحديث بتفصيل أكثر عن الشائعة والوهم و خلاصة المرافعة بمقارنة بأخطر المنافسين حيث جاءت ( السيرة ) على ( أرقى ) سبب :
واخطا عليك مْسمي الصقر يـا صـاح=بالحـر وانـت الحـر للـي فرقـهـا وشلون حـر وجـذب راسـه بْملـواح=عيشه علـى كـف الرجـال وْعرقهـا وانته سندك عْضود وصْعـود وجْنـاح=وحـداد سـم الطايـره فـي شنقـهـا مـا ذلّـك البرقـع ولا ردّك صْـيـاح=ومن حيث ما تبغى مـع الكـون سقهـا فإن كان السمار سمة للعبودية تاريخيا فأنت عبد خلقت لتعذب الحرار وتتكرم عليها بالعتق بل إن من سمى الصقر بالحر مخطئ ( عليك ) دقة الشاعرية والتعايش مع الغرض تبدو في أدق التفاصيل ، والخطأ يستوجب الاعتذار والعدول عنه ، فأنت الحر الحقيقي لمن يفرق بين الصدق والوهم ، هل تريد دليلا دامغا ؟ كيف يكون حرا و راسه يجذب بـ ( ملواح ) ويرتضي أن يعيش على ما يتكرم به الرجال عليه وهو مقيد في وكره ، مبرقعا كالنساء ؟ أما أنت فعصامي تستند على كسبك من ( عضود و صعود وجناح و حداد سامة ) فيا صاااااح ما ذلك البرقع حيث لم يستطع أحد برقعتك وجذب رأسك ولم يردك عن غاياتك صياح مالكك ورب نعمتك ولذا فمن حيث ما تشاااااااء من مدى الكون سقهااااااا ! وبعد أن عتقت من أبطال هذا العمل : هل تستطيع التخلص سريعا من أثر الانتشاء في عروقك ؟ إن من البيان لسـحرا ! . |
عدد المتواجدون في هذا الموضوع » 1 , عدد الأعضاء » 0 , عدد الزوار » 1 | |
|
|
|